الحملة السلفية بألمانيا ” مصحف لكل منزل “
أعضاء بالمشروع
أطلق النشطاءُ الإسلاميُّون بألمانيا حملةً غيرَ مسبوقةٍ، لتوزيعِ “25” مليون نسخة من المصحفِ المترجَم للألمانية؛ بهدفِ إدخالِ القرآنِ إلى كلِّ بيتٍ في ألمانيا مجانًا.
إن حملةَ الدعوةِ للإسلامِ التي صَدَرت تحت عنوانِ “مشروع: اقرأ“، تم تنظيمُها من قِبَل العَشَرات من المجموعاتِ السلفية المنتشرة بمدنِ وقُرَى ألمانيا، بالإضافةِ إلى النمسا وسويسرا.
والسلفية فرعُ الأصوليةِ الإسلاميةِ التي تسعى لإقامةِ الدولة الإسلامية الموحَّدة – الخلافة – بالشرقِ الأوسط، وشمال إفريقيا وأوروبا؛ بل في العالَم كلِّه؛ حيث تُحكَم دولةُ الخلافةِ بالشريعةِ الإسلاميةِ، والتي ستطبَّق على المسلمين وغيرِهم.
ويرى السلفيُّون – فيما يعتقدونه من أفكارٍ مناهضةٍ للفكر الغربِي – أن الديمقراطية لكونِها حكمًا وضعيًّا يجب أن تُكافَح.
وبالرغمِ من أن المخابراتِ الداخليةَ الألمانيةَ تعتبرُ الجماعاتِ السلفيةَ خطرًا على ألمانيا، إلا أن السلفيينَ يتحرَّكون بحريةٍ في البلادِ، والدعاةُ السلفيون يُمارِسون بانتظامٍ خطابًا دعويًّا مناقضًا للحياةِ الغربيةِ بالمساجد والمراكز الإسلامية، التي لا تزالُ تنتشر عبرَ ألمانيا.
وأما حملةُ إيصالِ المصحفِ لكلِّ منزلٍ، فقد تولَّى قيادةَ الدعوةِ إليها القياديُّ السلفيُّ “إبراهيم أبو ناجي” أحدُ مواطنِي “راين لاند”، والداعية الفلسطيني رئيس جماعة “الدين الحق” الدعوية.
في سبتمبر “2011” فتح النائب العامُّ الألماني تحقيقًا مع أبي ناجي، بعد أن دعا للجهادِ ضدَّ العدوِّ في فيديوهات عبرَ الإنترنت، بالإضافة إلى أنه في خطبِه كان يُشِيد بالعملياتِ الاستشهاديةِ، مؤكِّدًا أن التمسُّك بالشريعةِ الإسلاميةِ مقدَّم على التزامِ الدستورِ الألماني، هذا بالإضافة إلى اعتقادِه – كما هو صريحٌ في كلامِه – أن الموسيقا حرامٌ، وأن الشواذَّ يَجِب إقامةُ الحدِّ عليهم، وأن الزُّنَاة يَجِب أن يُرجَموا.
ويؤيِّد أبا ناجي عشراتُ الآلافِ من الأتباعِ بألمانيا، ومن بينهم اثنان من الألمان ممن اعتنقوا الإسلام، ممن اعتقلتْهم السلطاتُ لنشاطاتهم الإسلامية مؤخرًا.
وبسببِ أنه في – إحدى الفيديوهات الدعوية – أكَّد أبو ناجي أن اتِّباعَ الكتابِ المقدَّس النصراني، واتباعَ كتاب اليهودِ دون اتباعِ القرآنِ – يؤدِّي بصاحبه إلى الخلودِ في النار، فليس من المثيرِ للعجبِ أن يدعوَ أبو ناجي إلى إنقاذِ شعبِ ألمانيا من عقاب الله – تعالى – بالدخول في الإسلام.
ومن أجلِ تحقيقِ هذا الهدفِ، أنشأ أبو ناجي مشروعَ “اقرأ”؛ لتوزيعِ عشراتِ الملايين من المصاحفِ عبر ألمانيا.
وفي ظلِّ الاستعداداتِ لتلك الحملةِ، فهناك ما يَزِيد عن “100” طاولةٍ دعويةٍ تَمَّت إقامتُها بالعشراتِ من المدن الألمانية، خاصة في مناطق: شمال الراين وستفاليا، وسكسونيا السفلى، وهيسن، وهامبورج.
وتتميَّز طريقةُ أبي ناجي باليُسْرِ والتأثيرِ؛ حيث يقومُ المسلم الألماني بشراءِ نسخةٍ من المصحفِ بغِلافٍ أحمرَ؛ من أجل دعمِ نسخةٍ مجانية من المصاحفِ ذاتِ الغِلاف الأزرق.
وبالإضافةِ إلى توزيعِ المصاحف العامِّ بالطرقاتِ والأسواقِ، فيُمكِن لغيرِ المسلمينَ طلبُ الحصولِ على نسخةٍ من المصحفِ من خلالِ موقع hausdesqurans.de على شبكة الإنترنت.
وطبقًا لتصريحاتِ أبي ناجي، فإن السَّلفيين قد قاموا بالفعلِ بتوزيعِ “300 ألف” نسخةٍ من المصاحفِ المترجَمة للألمانية، وأن دفعةً خامسةً من المصاحفِ التي تتضمَّن عشراتِ الآلاف من النسخِ الإضافية – تَمَّ طلبُها من دارِ طباعةٍ بمدينة بادن – فور تمبيرغ.
أثناءَ عطلةِ عيدِ الفصحِ – التي استمرَّت من الخامس من أبريل، حتى التاسع من أبريل – دخلَ مشروعُ “اقرأ” مرحلةً جديدةً، فطبقًا لما نشرته صحيفةُ die_welt، فإن السَّلَفيين قد شكَّلوا جبهةً نقديةً ضدَّ أتباعِ المعتقداتِ الأخرى.
وفي السابعِ من أبريل – على سبيلِ المثال – نظَّم مشروعُ “اقرأ” حملةً واسعةَ الانتشارِ؛ لتوزيعِ المصاحفِ في “35” مدينة ألمانية تتضمَّن: برلين، وكولونيا، ودريسدن، وفرانكفوت، وهامبورج، وهانوفر، وهيدلبيرجوكونستانز، وميونخ، وأسنابروك.
وحسب ما أصدرته صحيفةُ Die Welt، فإن السلطاتِ الألمانيةَ تَرَى مشروعَ توزيعِ المصاحفِ – والذي يَهدِف منه الإسلاميُّون دعوةَ الناسِ للإسلامِ – حملةً “مثيرةً للقلقِ البالغِ” تُجَاه الإسلامِ الأصولي؛ حتى إن بعض المحلِّلين الأمنيين، يقول: إن الحملةَ تعتبرُ أيضًا وسيلةَ تواصلٍ اجتماعيٍّ ذكيةً لإقناعِ الألمان أن السَّلَفيين يتميَّزون بالوضوحِ ومحبَّة المواطنين، وعلاوةً على ذلك قالت السلطات الألمانية: إن مشروعَ “اقرأ” تَمَّ تنظيمُه من قِبَل شبكةٍ إسلاميةٍ تتبنَّى آراءً أصوليةً، ومذهبًا فكريًّا جهاديًّا.
وبالرغم من أنه ليس كلُّ مَن سيحصلُ على نسخةٍ من المصحفِ سيعتنقُ الإسلامَ في الحال، إلا أن مشروعَ أبي ناجي – حسب تصريحاتِ السلطاتِ – يخلقُ بيئةً راعيةً للأفكارِ المخالفةِ للدستور.
وبعيدًا عما سبق، فإن أعدادَ المنتسبينَ للأصوليةِ الإسلاميةِ في ازديادٍ مستمرٍّ؛ فطبقًا للمكتبِ الفيدرالي لحمايةِ الدستورِ، فهناك “29” مجموعةً إسلاميةً في ألمانيا تضمُّ “34.720” عضوًا أو مؤيِّدًا، مما تَعتبِرُه يشكِّل خطرًا على أمنِ البلاد؛ حيث إن كثيرًا منهم يَأمُل في إقامة “دولة القرآن” في ألمانيا؛ بسببِ إيمانِهم أن الشريعةَ الإسلاميةَ قانونٌ إلهيٌّ يَجِب أن يَحلَّ مَحلَّ النظمِ القانونية الأخرى.
فقد أعرب “رانر فيندت” – رئيسِ اتِّحادِ شرطة ألمانيا ((DPolG)) – في تصريحاته لصحيفةِ “بيلد بهامبرج” عن قلقِه مما وصفَه بأنه خلايا إسلاميةٌ سريَّة من المسلمينَ المهاجِرين والمعتنِقين الجُدُد للإسلام، مؤكدًا أنه دعا لتجنيدِ عملاءَ سرِّيين لاختراقِ البيئةِ الإسلاميةِ، قائلاً: “إنها الطريقةُ الوحيدةُ لمراقبةِ المشهد“.
وقال: “الأصوليون يَعِيشونَ في كلِّ أرجاءِ ألمانيا، المرءُ لا يُمكِن أن يحكمَ بأن الشابَّ الصغيرَ الوَسِيمَ بالمسكنِ المجاور، والذي يقومُ بإحضارِ الخبزِ الطازجِ لجَدَّتِه في الصباح – ليس في الواقع أصوليًّا كامنًا وإرهابيًّا“.
إن المكتبَ الفيدرالي لحمايةِ الدستور مهتمٌّ تحديدًا بالشبابِ المسلمِ المُقبِل على “الموضوعاتِ الأصوليةِ الخاطفة”، والذي يَمتَلِك “طموحًا كبيرًا للجهادِ”، وطبقًا لتصريحاتِ “وارنر” فكثيرٌ منهم يَخضَع للمراقبةِ من قِبَل السلطات الأمنية.
وكذلك، فإن المكتبَ الفيدرالي لحمايةِ الدستورِ يقومُ بمراقبةِ الدعايةِ الإسلاميةِ المتناميةِ عبرَ الإنترنت، والتي تحذِّر المسلمينَ من الذوبانِ في ثقافةِ المجتمعِ الألماني، في ظلِّ وجودِ ما يقدَّر أنه “4.3” مليون مسلم؛ مما جَعَل ألمانيا ثانِي دولةٍ بأوروبا الغربيةِ لديها أكبرُ أقليَّة مسلمة بعد فرنسا.
كثيرٌ من النشطاءِ الإسلاميين من الألمان ممن اعتنقوا الإسلامَ حديثًا، من بينهم الملاكم السابق “بيير فوجل“، الذي اعتنق الإسلامَ، ودَرَس الإسلام بالمملكةِ العربيةِ السعوديةِ، والآن أصبح داعيةً مسلمًا – يعملُ على عدمِ تلاشي هُوِيَّة المسلمين في هُوِيَّة المجتمعِ الألماني.
وتزعمُ السلطاتُ الأمنيةُ الألمانيةُ أن كثيرًا من المعتنقين للإسلامِ كانوا ممن يعانون أوضاعًا اجتماعيةً سيئةً، وممن تركوا التعليمَ، أو ممن سبقت إدانتهم في جرائمَ؛ حيث وَجَدوا الإسلامَ يَمنَحهم احترامًا وتقديرًا.
إن كثيرًا من الإسلاميين يتميَّزون عن المجتمعِ بالاحتكامِ للشريعةِ، والتي تتنافسُ مع قانون العدالةِ الجنائيةِ الألماني؛ حيث إنه يتمُّ فضُّ المنازعاتِ من خلالِ وسطاء مسلمينَ؛ مما يَمنَع من التعرُّض لفتراتِ سجنٍ طويلةٍ كعقوبةٍ، في الوقت الذي يَحصُل فيه المتضرِّر على تعويضاتٍ كبيرةٍ، أو إسقاطٍ لديونِه في تطبيقٍ لأحكامِ الشريعةِ؛ مما يساعدُ على تفاقمِ فقْدِ الثقةِ بالنظام القانونِي القائمِ، طبقًا لبعضِ المحلِّلين.
وطبقًا لما قاله “كيرستن هيسيج” – مؤلِّف كتابِ “نهاية الصبر” -:
“في ألمانيا ينفرطُ عِقْدُ القوانينَ من بين أيدينا، فتنتقلُ إلى حكمِ الشارعِ أو إلى نظامٍ موازٍ؛ حيث يقومُ أحدُ الأئمةِ، أو أحدُ مطبِّقي تعاليمِ القرآنِ بتحديدِ ماذا يَجِب أن نفعلَ“.
المصدر: شبكة الألوكة