السلطان التشادي علي رمضان ناجيلي
هذه قصة عجيبة، تستحق القراءة، قصة ذلك النصراني المتعصب الذي هداه الله لطريق الحق، وأصبح فيما بعد من أشهر الدعاة في القارة الإفريقية.
عندما تحدثنا معه، بدأ قصته منذ بدايتها ولم ينتظر أسئلتنا. قال لنا القصة كاملة: إنه سلطان أحد الأقاليم في تشاد، واسمه (علي رمضان ناجيلي)، سلطان (قِندي) في تشاد.
كان نصرانيًّا متعصبًا -كما يقول لنا- وكان يكره المسلمين، وود لو أنه أحرقهم إن أمكنه ذلك. يقول:
كنت تائهًا ومشوشًا حتى صرت مسلمًا في عام 1977م على أيدي شيخ نيجيري كان يعمل في الدعوة. وبأسلوبه وقوة حجته، استطاع إقناع الناس في إقليمنا باعتناق الإسلام. وكنت قد رأيت العديد من الدعاة الصوفيين في الماضي، أتوا لمنطقتنا وجعلوا شرطًا لمن يريد أن يدخل الإسلام أن يهديهم هدايا؛ كالفاكهة، مواشي، أو ملابس! هذا جعل الكثير من الناس يحجمون عن اعتناق الإسلام؛ لأنهم رأوه دينًا يستغل الناس، وهذا كان الانطباع الذي أعطاني إياه أولئك المتصوفة.
لكن فيما بعد، جاء الشيخ النيجيري السلفي وأظهر لنا الإسلام الصحيح. أثبت لنا أن الإسلام ليس كما فعل أولئك المتصوفة. حدثنا كيف أن المشركين عرضوا المناصب والثروات على رسول الله، لكنه رفضها من أجل الدعوة. وقال لنا: كيف جاهد ضد المشركين لسنوات عدة، وصبر على إهاناتهم وتعذيبهم، حتى نجحت الدعوة وانتشرت عبر العالم.
بعد كل ما أخبرنا به، وبعد شهور من الدعوة، استطاع إقناعنا باعتناق الإسلام، ودخلنا نحن هذا الدين على أساس من الإيمان الراسخ. أصبحنا مسلمين طواعية، معتنقين دينًا، حيث أصبح بإمكاننا عبادة الله بكل إخلاص، عبادته وحده، لا بشر ولا صنم يقربوننا منه أو يبعدوننا عن السحر والشياطين.
أصبحت مسلمًا ضمن من أصبح مسلمًا كذلك، من بين من كان منهم أبي، سلطان إقليم (ماهيم توكي قِندي) بنيجيريا. بعدما أصبح والدي مسلمًا، قال لي: من الآن فصاعدًا، أنت تنتمي للإسلام، ستبقى معي وتخدم الشيخ الذي علمنا الإسلام.
قال والدي له: سأهدي هذا الولد لك في سبيل الله؛ لخدمة الإسلام.
ذهبت معه وبقيت في خدمته مدة 6 سنوات، ثم تخرجت من خدمته كداعية، بعد دراسة الإسلام خلال تلك الفترة في نيجيريا. وبنهاية تلك السنين الست، قال لي: اعمل معي في نيجيريا. فقلت له: قرأت في القرآن أن الله تعالى قال: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214].
سؤال: كيف أصبحتَ سلطان الإقليم؟
أصبحت السلطان بعد وفاة والدي، بعد دعوة الناس في الإقليم إلى الإسلام لعامين. قاد هذا إلى أن يعتنق الإسلام 4722 شخصًا من قبيلة (ساراقولاي)، من ضمنهم 14 قسيسًا نصرانيًّا. منذ ذلك الوقت، بدأت المواجهات مع المنظمات التنصيرية في جنوب تشاد؛ حاولوا تدمير الدعوة الإسلامية وتنصير من كان قد أسلم باستعمال وسائل شتى! اعتبروا الدعوة الإسلامية هناك منافسًا هدد بصد المد النصراني. حاولوا إغرائي بالمال والنساء، وبعرض بيت ومزرعة عليَّ حتى أتنصر. أرادوا مني استعمال نفس الأساليب من أجلهم كتلك التي استعملتها عندما أسلم ذلك العدد الكبير من الناس.
هذا ما كان يزعجهم؛ لأنهم كانوا يستعملون العديد من الموارد لكنهم لم يحققوا النتائج التي حققتها أنا في جنوب تشاد. هذا ما دفع الحكومة التشادية أن تعينني كعضو في اللجنة العليا للشئون الإسلامية في جمهورية تشاد. لكن رغم كل تلك العروض، رفضت ما عرضه عليَّ المنصرون، فبدءوا إثارة الأرواحيين[1] ضد المسلمين في الجنوب، لكن جهودهم باءت بالفشل.
سؤال: كيف جئت لزيارة مكة؟
منحتني (منظمة الدعوة الإسلامية) إذنًا لأداء فريضة الحج، وعندما زرت مكة ورأيت المسلمين هناك، بيضًا وسودًا، بلا فوارق بينهم، جميعهم يرتدون نفس اللباس ومتساوو المنازل، لم أستطع التوقف عن البكاء. لم يكن أحد من عائلتي معي، رغم هذا فقد أحسست أن كل أولئك الناس من حولي كانوا أهلي وإخواني. هذا زاد من تصميمي لأكافح بجدية أكبر في مجال الدعوة، لأرشد أناسًا آخرين لهذا الدين العظيم؛ ولكي لا أحتفظ بهذه المتعة الروحية لنفسي فقط، ولأنقذ بقية إخواني من هول القيامة ونار الجحيم؛ فقررت أن أبدأ حملتي الدعوية في بلدي تشاد.
سؤال: ما علاقتك بالمراكز الإسلامية؟ وكيف تطورت تلك المراكز؟
بعدما عدت من الحج، قررت إنشاء مراكز إسلامية بإمكانها تزويد المسلمين بمساجد ومدارس. والحمد لله، تمكنت من بناء 12 مسجدًا وبناء مدرسة للأطفال المسلمين، وقد حفرنا 12 بئرًا للمسلمين في إقليم قندي، كما عملت على إنشاء مؤسسة لتدريب المسلمين الجدد على الدعوة. منذ البداية، كان هدفي نشر دين الإسلام بتعاليمه، وأخلاقياته، وسلوكياته، والتركيز على تدريس اللغة العربية والإسلام، وإقامة حلقات دراسية لتعليم القرآن والسنة، وكل هذا قد تم إنجازه، والحمد لله.
سؤال: قلت إن النصارى هم أعظم العوائق التي تواجهها، فهل من عوائق أخرى؟
هناك العديد من العوائق التي تواجه الدعوة في جنوب تشاد. العائق الرئيس هو المادة، حيث إن الناس هناك فقراء ولا يتوفر لديهم الزاد اليومي. العديد من أولئك الذين أسلموا ليس عندهم حتى ما يغطون به عوراتهم عندما يصلون! وكذلك الإقليم يعاني من قلة الطرق، كما ليس هناك وسائل مواصلات للذهاب لمناطق الأرواحيين البدائية لنقوم بالدعوة في تلك القرى، حيث معظم الناس هناك نصارى. كما نعاني من نقص في الدعاة المتمرسين.
الكثير من المسلمين هناك لا يعرف أكثر من الشهادتين، وهذا لسوء الحظ. بالمقارنة مع هذا، جهود المنظمات التنصيرية مدعمة بالمواد الأساسية والموارد البشرية لضمان النجاح، وتبقى جهود المنصرين أعظم العوائق التي نواجهها في الإقليم. عندما زار بابا الفاتيكان إقليم قندة في نهاية جولته الإفريقية، قابل المنصرين هناك ووضع خططًا كبيرة لتنصير الإقليم. وهكذا بعثوا بمنظمات تنصيرية من عدد من الدول الأوربية، كما زودوها بالأموال اللازمة لها. كما أعلنوا عن عزمهم بناء عدد من الكنائس في الإقليم. قال لي أحد المنصرين الطليان: إن هذا الإقليم سيكون نصرانيًّا بحلول عام 2002م.
ويقومون كل شهر بتنظيم مهرجانات محلية حيث يعرضون الطعام والشراب والعون للأرواحيين، ويدعونهم لاعتناق النصرانية. كما يزورون دور الأيتام والملاجئ التي يدعمونها ماليًّا؛ لكي يقوموا بتنصير الأطفال النازلين هناك. كم هم مخادعون! كانوا يعملون باسم الصليب الأحمر هناك، عندما تم اكتشاف أنهم كانوا يقومون بتعقيم النساء بإعطائهن أدوية لا يتمكنَّ بموجبها من الإنجاب! تلك إحدى وسائل التنصير الهادفة للحد من عدد المسلمين ووضع نهاية للإسلام في تشاد.
سؤال: ماذا وجدت في الإسلام؟
اكتشفت حلاوة في الإسلام، ولا يشك أحد أنه دين العدل والمساواة. لا فرق بين شخص وآخر، بين غني وفقير إلا بالتقوى. الكل يتوجه لله، والكل عبيد لله.
نصيحتي لكل المسلمين: إذا كانوا يريدون أن يسود الإسلام، فليتبعوا الإسلام قولاً وعملاً. هذا بحد ذاته سيكون سببًا في انتشار الإسلام؛ لأن الآخرين لا يملكون الخصائص الطيبة والسلوك اللذين هما السبب وراء جذب الآخرين له واعتناقه. الإسلام يسود ولا سيد فوقه؛ لأنه يتضمن كنوزًا عظيمة، وتعاليم رفيعة وعبرًا للناس، ما زالت مخفية، ولا بد من كشفها لكل الناس.
يمكن تحقيق ذلك إذا التزمنا به، واتبعنا تعاليمه وآدابه كما بيَّنها القرآن وأحاديث الرسول الكريم وآثار صحابته.
المصدر: كتاب (عادوا إلى الفطرة) إعداد أحمد بن علي