قصة إسلام القس الإيراني دافيد بنيامين كلداني
وُلد دافيد بنيامين كلداني David Benjamin Keldani في قرية (ديجالا) التي تبعد ميلاً واحدًا عن مدينة (أورميا) في إيران، وكان والده كاثوليكيًّا من طائفة الروم الكاثوليك لطائفة الكلدانيين الموحدة.
تلقى تعليمه الابتدائي في مدينة أورميا، وعندما بلغ التاسعة عشرة من عمره أصبح ولمدة ثلاث سنوات أحد موظفي التعليم في إرسالية رئيس أساقفة (كانتربري) المبعوثة إلى النصارى الآشوريين النسطوريين في أورميا، وبدأ يتقدم في العلم إلى أن أُرسل لروما موطن الفاتيكان؛ ليتلقى تدريبًا منتظمًا في الدراسة اللاهوتية في كلية (روبوغاندافيد).
بعد ذلك قام بكتابة عدة مقالات في مجلة (ذي تابليت)، وكذلك مجلة (ذي أيريس ريكورد)، وكذلك نشر عدَّة ترجمات مختلفة، بعد ذلك تم تتويجه كاهنًا، ثم حصل على درجة الأستاذية في علم اللاهوت، فصار قسيس الروم الكاثوليك لطائفة الكلدانيين الموحدة، وقام بالعديد من الإرساليات التبشيرية.
قصة إسلام دافيد بنيامين كلداني
بدأت قصته مع الإسلام عندما ثارت تساؤلات صادقة في رأسه، وبدأ يتساءل: هل النصرانية على حق؟! هل كل ما جاء هو منزل من عند الله؟!
وبدأ يشكك في ذلك؛ لأن الإنجيل كتب بعدة لغات مختلفة (الآرامية والسريانية والعبرانية)، وتُرجم إلى اللاتينية والإغريقية والرومانية، والفرنسية والإنجليزية، وأخيرًا إلى العربية(1).
فالكل نقل على هواه، وضاعت الكتب القديمة بل أُحرقت وأُفنيت، وتباينت الآراء بين الطوائف والجماعات النصرانية؛ فدبَّ الاختلاف بينهم، ووصل الأمر إلى أن قذفت إحدى الطوائف النصرانية غيرها من الطوائف بأبشع التهم وأحقر المسميات؛ فمنهم من وصف طائفة البروتستانت بأنهم كلاب، وانتقلت هذه العداوات من جيل إلى جيل، كلٌّ يَدَّعي أنه صاحب الحق، والآخرون يكذبون ويفترون ويحرِّفون ويُزَوِّرون، وصارت هناك عقائد مختلفة وطوائف متباينة.
كان هذا الاختلاف بين كتب الأناجيل سببًا في نشأة الشك في قلب بنيامين كلداني، فظلَّ يقرأ الكتب المقدسة لعله يصل إلى الحقيقة، وبعد أن قرأ الكثير من الكتب عَلِم أن الدين الإسلامي هو الدين الحق؛ لذلك قرر تقديم استقالته من كل مناصبه الكنسيَّة، وإشهار إسلامه وتسمَّى باسم (عبد الواحد داود).
إسهامات دافيد بنيامين كلداني
عمل عبد الواحد داود مفتشًا للبريد والجمارك، مهاجرًا إلى ربه بدينه الخاتم، مجاهدًا في سبيل إعلاء كلمة الله بالدعوة والتعليم، فأهدى للمكتبة الإسلامية مؤلفات قيِّمة؛ منها: (الصليب والإنجيل)، و(محمد صلى الله عليه وسلم في الكتاب المقدس).
وها هو يقول: “لا أستطيع أن أعزو اعتناقي للإسلام إلا إلى الهُدَى الكريم من لدن رب العالمين، وبغير هُدى الله لا تفيد دراسة ولا بحث ولا أي جهد نبذله للوصول إلى الحق، بل قد تؤدي هذه بنا إلى الضلال، ومن اللحظة الأولى التي اهتديت فيها إلى الإيمان بوحدانية الله أصبح رسوله محمد صلى الله عليه وسلم قدوتي في خُلُقي وسلوكي”(2).
وصدق الحق إذ يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].
المصدر: كتاب (عظماء أسلموا) للدكتور راغب السرجاني.