شبهات حول الإسلام

كلمة الله هل تدل على التثليث

يزعم البعض أن المسلمين لا يفهمون القرآن ولو فهموا القرآن لأدركوا ان المسيح هو الله .وان القرآن يقول بالتثليث وحجتهم في ذلك ان القرآن ذكر أن المسيح كلمة الله .فما المقصود بكلمة الله في القرآن وكذلك في الكتاب المقدس

يقول البعض مستشهدا بالآية الخامسة والأربعين من سورة آل عمران وسورة النساء : 171
” فالإسلام تكلم في هذه الآيات عن المسيح بما تتكلم به عليه المسيحية. فالقرآن يدعو المسيح كلمة الله، والإنجيل يقول عنه: في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله والكلمة صار جسدا وحلّ بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا (يوحنا 1: 1 ، 14). وإنّ في اعتراف القرآن بأن المسيح كلمة الله إقرار صريحٌ منه بلاهوت المسيح، ومصادقة منه للمسيحية على اعتقادها فيه. “

ويضيف قائلا
” والمنطق يقودنا بموجب نص هذه الآيات إلى إثبات لاهوت المسيح منها، فمن المسلّم به أن الله أزلي، وأن القِدم صفة خاصة به وحده جل شأنه، كبقية صفاته الحسنى كالعِلم والحياة والكلام. فكل ما يتعلق بذات الله تعالى أزلي غير محدث، فلا بد من أن يكون كلمة الله أزلياً، وهذا واضح من قول القرآن: ألقاها (والإلقاء عندنا معناه التجسد) إلى مريم. أي أن هذا الكلمة كائن من قبل أن يُلقى إلى مريم. وإذاً يكون المسيح أزلياً، لأنه بحسب منطوق هذه الآيات كلمة الله . “


هل يعتقد من يقول هذا أنه يفهم القرآن أفضل ممن نزلت عليه الآيات القرآنية وهو محمد رسول الله rويعلم الجميع أنه كفرهم وسفه ضلالهم وجادلهم ثم دعاهم إلي المباهلة وكتب إليهم يدعوهم (فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد ) وبالعباد قصد المسيح عليه السلام الذي أقر بعبوديته بنص القرآن  ( قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) مريم : 30 )  ولم يكتف الرسول صلي الله عليه وسلم بل توعدهم بالقتال (فإن أبيتم فالجزية فإن أبيتم فقد أذنتم بحرب والسلام ) ثم أخبرنا ان المسيح نفسه سوف يكسر الصليب وأنه سوف يصلي بصلاة المسلمين خلف إمام مسلم في آخر الزمان

ومزاعم من يدعي ذلك تقتضي أن يحب النصاري محمدا r  ويقدسوه بدلا من محاربة دعوته بشتي أنواع الكذب ,  وبمناسبة الكذب نذكر القمص إبراهيم لوقا إن لفظ الجلالة ( الله ) لم يرد في الكتاب المقدس ومع ذلك نري أن القمص يستشهد بنص من كتابه ورد فيه لفظ الجلالة  ” في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله. ”  فأني لك يا لوقا أن تضف لفظ الجلالة إلي كتابك

أما تكملة النص الذي أضيف عليه لفظ الجلالة فيقل (والكلمة صار جسدا وحلّ بيننا ورأينا مجده) وهذا الجزء من النص يبين أن القمص يقول شيء وكتابه يقول شيئا آخر، وقد بنا حجته علي تفسير سقيم وهو أن المسيح هو ذات كلمة الله ثم قال ” فكل ما يتعلق بذات الله تعالى أزلي غير محدث ” وغلي القمص هنا أن يوفق بين قوله الذي نوافق عليه وبين تحول الكلمة إلي الجسد علما بأن كلمة ( صار ) تفيد التغيير من حالة إلي حالة
لا شك أن القمص سوف يقول ان كلمة ( صار ) لا تعني صار ولكن المعني ان الكلمة اتخذت جسدا …

ونحن نقول إن كلمة الله يقصد بها كن فكان المسيح بكن وليس هو الكن وهذا الأسلوب في اللغة شائع جدا فيقال مثلا عن الرسول r أنه كان قرآنا يمشي ويقال فلان موسوعة، وفي حديث ابي سعيد الخضري يقول الله تبارك وتعالي ( إنك الجنة رحمتي أرحم بك من أشاء ) ولم يقل أحد إن الجنة هي الله أو إن محمدا rهو ذات القرآن.

الحقيقة أن القرآن قد صرح بأن المسيح كان بكن وليس هو كن
إِنَّ مَثَلَ عيسى عِندَ الله كَمَثَلِ آدم خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } [ آل عمران : 59 ] بل الآية التي يستشهد بها المدعي تليها آية تصرح ببشرية المسيح وانه مخلوق فحين سألت مريم ( رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي ) جاءها الرد (قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) ( آل عمران :47 ) ثم بعد آيتين نجد تصريح المسيح بعبوديته (إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ) ( آل عمران :51 )

أما وإن أصر من خالف على فهمه فيتحتم عليه القول بأن إله النصارى خروف وفقا لسفر الرؤيا 17/14 والذي يقول ( والخروف يغلبهم لأنه رب الأرباب وملك الملوك ) وحين يقول الكتاب المقدس أن الإله خروف فأنه يجب أن يكون خروفا وفقا لفهم القمص المتعنت .. ولا يقبل أي تفسير سوى إن الإله هو ذات الخروف بلحمه وشحمه وصوفه وذيله كما يجب أن يمأمأ إله النصارى تماما كالخروف لأنه فعلا خروف
ويجب أن يكون الشيطان الذي أخرج آدم من الجنة متسببا في موت الإله هو بطرس تلميذ يسوع كما صرح بذلك يسوع في متى 16/23 حين التفت لبطرس وأعلن أنه هو الشيطان نفسه (وقال لبطرس إذهب عني يا شيطان.أنت معثرة لي ) وفي مرقص 8/33 (فالتفت وأبصر تلاميذه فانتهر بطرس قائلا اذهب عني يا شيطان ) وهذا يعني أن يسوع  معلم الشيطان كما نص الكتاب وصرح بأن الشيطان كان تلميذا ليسوع
ويجب أن لا يكون تلاميذ يسوع من جنس البشر فقد صرح يسوع بذلك وقال لهم في متى 5/13 (. انتم ملح الأرض. )
بل ان كلمة الله التي ينفي القمص عنها الحدث نجدها يعتريها التغيير في الكتاب المقدس هذا طبعا في حالة تعنت القمص ورفضه لأي تأويل, ففي أعمال الرسل 67/7 (وكانت كلمة الله تنمو ) وهذه العبارة بتعنت القمص إبراهيم لوقا لا يمكن أن تعني سوي ان الله ينمو من الطفولة إلي الرجولة إلي الكهولة وفي شيخوخته ارتطمت فدمه بشيء ما فسقط سقطة لم يعلم بها إلا بولس الذي ذكر سقوط كلمة الله في رومية 9/6 ( ولكن ليس هكذا حتى ان كلمة الله قد سقطت. )

أما إن ترك القمص التعنت والسفسطة وحمل المعني مفهوما يتناسب مع سياق النص , فانه في تلك الحالة يثبت حمل عبارة ” كلمة الله ” أكثر من معني منها ” الرسالة ” أو ” النبوة ” كما في لوقا 3/2 ( في أيام رئيس الكهنة حنان وقيافا كانت كلمة الله على يوحنا بن زكريا في البرية )
وجاءت بمعني النبي في عموس 8/12 (   فيجولون من بحر إلى بحر ومن الشمال إلى المشرق يتطوّحون ليطلبوا كلمة الرب فلا يجدونها.)
قال آدم كلارك في تفسير النص ” فيجولون من بحر الأبيض المتوسط إلي البحر الميت ومن الغرب إلي الشرق بحثا عن كلمة الله, عن نبي أو أي شخص موكل من الله ” ويري آدم كلارك أن كلمة الله تعني النبوة في يوحنا 10/35 (إن قال آلهة لأولئك الذين صارت إليهم كلمة الله.ولا يمكن أن ينقض المكتوب ) ولاحظ من النص الأخير أنه يوصف بني إسرائيل بالإلوهية لمجرد أن ظهر فيهم الأنبياء مما يعني أن النصارى يحملون نص يوحنا 1/ 1 أكثر مما يحتمل ويبالغون فيه بعد التلاعب في الترجمة حيث تم تعريف إسم ” إله ” الوارد في آخر الفقرة فتحولت العبارة من ” وكانت الكلمة إلهية ” إلي وكان الكلمة الإله ” وبقدرة القادر تحول اسم إلههم إلي ” الله ” رغم ان الأسماء لا تترجم
يقول الأب متى المسكين في شرحه لإنجيل يوحنا : “هنا كلمة (الله) جاءت في الأصل اليوناني غير معرفة بـ (الـ) …، وحيث (الله) المعرف بـ (الـ) يحمل معنى الذات الكلية، أما الجملة الثانية فالقصد من قوله “وكان الكلمة الله” هو تعيين الجوهر أي طبيعة (الكلمة)، أنها إلهية، ولا يقصد تعريف الكلمة أنه هو الله من جهة الذات. ( الله واحد أو ثلاثة , منقذ السقار , ص 42 )
وإذا كان المسيح ابن الله لأنه كلمة الله فهل هذا يعني أنه أحد أبنائه الذين لا حصر لهم بينما حصر النصارى الأقانيم في ثلاثة في حين أنه يقتضي ان كل كلمة أقنوم  .. ويقول النصارى إن الكتاب المقدس كلمة الله, فما موقف الكتاب المقدس من الألوهية .. ألا يجب عبادة الكتاب المقدس كونه كلمة الله  .. أظن الجواب علي هذه الأـسئلة هو القول المشهور ” ابن الطاعة تحل عليه البركة ” أو ربما ” افتح قلبك “

يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ( النساء : 171 )
ومما سبق يمكننا القول ان المسيح سمي بكلمة الله لأنه كان بكلمة الله وهي ” كن ” وصرح القرآن في أكثر من مكان أن المسيح مخلوق وعبد من عباده لا يستنكف عن عبادته .. أما كلمة الله في الكتاب المقدس فتحمل معاني كثيرة بينما تعنت القمص إبراهيم لوقا لا يؤدي إلا إلي التسفيه بمحتويات كتاب النصارى

محمود أباشيخ – صوماليانو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى