الدين الحق يحوي ما يليق بالمعبود من صفات
بما أن الدين الحق هو دين الخالق المعبود، فلابد أن يكون كل ما يحتويه هذا الدين يليق به سبحانه وتعالى من صفات، ولا يوجد به صفات تنتقص قدره؛ لأن ناقص الكمال لا يستطيع أن يَهَب الكمال لغيره، فالخالق العظيم سبحانه كامل في صفاته، وكل دين يصفه بالنقص فهو دين باطل. فكيف يتعبّد الإنسان بدين لا يعظّم المعبود، وكيف يتعبّد بدين لا يقدّر المعبود حقّ قدره؟!
وعلى سبيل المثال، فإن الديانة اليهودية تذمُّ وتعيب الإله الربّ سبحانه وتعالى، وتنسب إليه من الصفات ما تكون سببًا في الانتقاص منه، بحيث لا يمكن للفطر السويّة والنفوس الزكية والعقول الرشيدة قبولها في حق المعبود، ومن مثل تلك الصفات: صفة سوء الاختيار، والجهل وعدم العلم، والضعف، وانتفاء الحكمة، والعنصرية والظلم والفظاظة، إلى غير ذلك من الصفات التي يستحيل لعاقل أن يتقبلها في حق نفسه ناهيك في حق الإله الربّ (تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرا). ويرجع ذلك إلى ما قد نال كتاب اليهودية من التغيير والتبديل والتحريف، تبعًا للأهواء.
أما النصرانية، فقد خرجت في ديانتها بالإله الخالق سبحانه وتعالى عن حدّ المعقول ونسبت إليه من الصفات الناقصة والمعيبة والمذمومة، ما لا تقبله النفوس الزكية والفطر النقية والعقول الرشيدة، وتكلّمت عنه وفقًا لما تُمليه الأهواء المريضة، دون أدنى حياء منه سبحانه وتعالى، ووصفته بصفات لا يمكن أن تليق بذاته العلية جلّ وعلا، كالندم والتأسف والحزن، والاستراحة من التعب، والنوم والاستيقاظ، والصفير والتصفيق، والهتاف والصراخ، إلى غير ذلك من الصفات التي لا يمكن أن تليق بالذات العلية لله سبحانه وتعالى.
كما تزعم النصرانية أن الإله عبارة عن مركّب من 3 أقانيم (الأب، الابن ، الروح القدس)، ومع نكارة ذلك الزعم الكاذب، إلا أن النصرانية تقول بأن الابن، الذي هو أحد الأقانيم الثلاثة لإلهها المزعوم، إنما هو من نسل بشري، وهو بذلك خرج إلى الوجود من مجرى البول، وكان قد اختُتِن بعد ولادته، وكان يرضع من ثدي أمه، وكان يأكل ويشرب الخمر (وفقًا لما تزعمه النصرانية)، وكان يبول ويتغوّط، إلى غير ذلك من الصفات المُحال قبولها في الذات العليّة للإله الخالق جلّ وعلا. ولم تكتف النصرانية في توهّماتها وادّعاءاتها على ذلك، بل إنها تقول بأن ذلك الابن الذي قد نسبت إليه الألوهية، قد مات على الصليب بعدما أُهين وعُذِّب، وبُصِق في وجهه، ولُطِم عليه، وتجعل من ذلك عقيدة لها. ولا شك، أن ذلك الذي تزعمه النصرانية، لا يمكن أن تقبله فطرة سويّة أو عقل رشيد، منسوبًا إلى الإله الخالق (تعالى عن مثل تلك الافتراءات علوًا كبيرًا).
المسيحيون الأوائل لم يكونوا بعيدين عن المفهوم الإسلامي الصحيح، حيث لم يكن المسيح إلهًا في معتقد المسيحيين إلا في مُجمّع (نيقية) الذي قد انعقد سنة 325 للميلاد، أي بعد مرور أكثر من ثلاثمائة سنة من مولده، وفيه تقرّر بزيادة صوت واحد فقط بين المقترعين أن المسيح إله، أي أنه إذا نقص ذلك الصوت لبقي المسيح في النصرانية بشرًا رسولاً، كما يقول الدين الإسلامي الحنيف، وبعد ذلك انحرف معتقدهم انحرافًا واضحًا عن الحق، وصار أُلعوبة بين قساوستهم.
الإسلام هو الدين الوحيد الذي يُعظّم الله تعالى أشدّ ما يكون التعظيم، ويرفعه فوق تخيّل كل إنسان، وهذا هو اللائق به سبحانه وتعالى، فهو الإله الخالق العظيم. والقرآن الكريم الذي بين أيدي المسلمين، هو الكتاب الوحيد الذي يُنزّه الله تعالى عن كل ما قد افترته عليه اليهودية والنصرانية وغيرهما، وينزهه سبحانه وتعالى عن كل عَيْب ونقص، وذمٍ وسوء، وذلك لأن الله سبحانه وتعالى قد تعهّد بحفظه (القرآن الكريم) بعدما حُرِّفت وضُيِّعت التوراة والإنجيل وغيرهما من الكتب السابقة، عندما وُكِّل البشر بحفظها.
المصدر :طريق القرآن