تأملات في سورة الفجر
مكية .
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالْفَجْرِ{1} وَلَيَالٍ عَشْرٍ{2} وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ{3} وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ{4} هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ{5} أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ{6} إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ{7} الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ{8} وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ{9} وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ{10} الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ{11} فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ{12} فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ{13} إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ{14} فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ{15} وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ{16} كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ{17} وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ{18} وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً{19} وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً{20} كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكّاً دَكّاً{21} وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً{22} وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى{23} يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي{24} فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ{25} وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ{26} يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ{27} ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً{28} فَادْخُلِي فِي عِبَادِي{29} وَادْخُلِي جَنَّتِي{30} .
شَرْحُ الغَرِيْب :
( وَالْفَجْرِ ) : هو الوقت المعروف ويقال له : الصبح .
( وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) : هي عشر ذي الحجة ، وقيل : العشر الأول من رمضان والأول هو الراجح وعليه جمهور المفسرين .
(وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ) : في معناهما أقوال كثيرة وأولاها بالقبول ما يلي :
1- المراد : الخلق كلهم منهم الشفع ومنهم الوتر.
2- الشفع هو: عموم الخلق فمنهم الذكر والأنثى, والسماء والأرض, والحر والبرد وهكذا ، والوتر هو: الله تعالى لا نظير له ولاند.
3- المراد بالشفع : الصلوات الخمس منها شفع كالفجر ومنها وتر وهي : صلاة المغرب.
( وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ ) : أي ذهب وسرى ومضى!
( هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ ) : الحِجْر هو: العقل ، أي ، هل في الآيات قسم كاف لذي عقل ؟!
( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ) : أي : ألم تر كيف أهلك ربك قوم عاد وهم عاد الأولى ، أولاد عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح ، وقد بعث الله إليهم هوداً عليه السلام .
( إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ) : عطف بيان على ” عاد ” وسُمّوا كذلك ؛ لأنهم كانوا يسكنون بيوت الشعر التي ترفع بالأعمدة الشداد .
( الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ) : الضمير في ” مثلها ” إما أن يعود على:
1- ” الْعِمَادِ ” أي لم يخلق مثل العماد في ارتفاعها .
2- أو على ” عاد ” أي لم يخلق مثل قبيلة عاد في قوتها وبأسها .
( وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ) : ثمود هم: قوم صالح عليه السلام ،وجابوا الصخر بالواد ، أي كانوا ينحتون الصخر بواديهم ويتخذون من الجبال والصخور بيوتاً .
( وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ ) : فرعون هو: الطاغية المعروف الذي بعث إليه موسى عليه السلام !
والأوتاد : هي أوتاد من حديد وحبال كان يربط الناس بها تعذيباً وتقتيلاً !.
( فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ) : أي أنزل الله عليهم نوعاً من العذاب وأهلكهم بالغرق .
( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ) : المراد أنّ الله تعالى يراقب عباده في أعمالهم ويجازي كلاً بسعيه في الدنيا والأخرى .
( فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ) :
أي يظن أنّ ما وهبه الله من النعم والعطايا بسبب فضله ومنزلته عند الله ، وما درى أنّ ذلك امتحان وابتلاء واستدراج .
( وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ) : أي يظن أنّ تضييق الله عليه في الرزق إهانة له واحتقاراً .
( كَلَّا ) : أي ليس واحد من الفريقين مصيباً في ظنه .
( بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ) : أي لا تعطفون عليه ولا ترفقون به أوتحسنون إليه!
( وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ) : أي لا تطعمون المسكين ولا يحث بعضكم بعضاً على ذلك.
( وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً ) : التراث هو: الميراث
{ أَكْلاً لَّمّاً } أي من أي جهة حصل من حلال أو من حرام!
( وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً ) : أي حباً شديداً .
( إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكّاً دَكّاً ) : أي مُهِّدت وسويت الأرض والجبال! .
( وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً ) : يعني لفصل القضاء وهو مجيء حقيقي كما يليق بجلاله . وجاءت الملائكة صفوفاً .
( وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ) : أي جيء بها لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها,كما صح بذلك الحديث!
( يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ) : أي في ذلك اليوم يتذكر عمله ويندم على سوء صنيعه .
( يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ) : أي يتمنى لو عمل صالحاً وترك فاسداً في حياته الدنيا! .
( فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ ) : أي يوم القيامة لا يعذب كعذاب الله أحد مهما بلغ بطشه وجبروته.
( وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ ) : أي ليس أحد أشد وثقاً أي: قبضاً وتقييداً من الزبانية الموكلين بتعذيب الكفرة والمجرمين
( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) : أي: النفس الطاهرة الزاكية
( ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً ) : أي: إلى جوار الله وثوابه وما أعده لك في جنته قد رضيتِ عن الله ورضي الله عنك .
( فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ) أي في جملتهم وجماعة مؤمنيهم .
( وَادْخُلِي جَنَّتِي ) : أي أبحت لك جنتي تتنعمين فيها .
هِدَايَةُ السُّـــوْرَةِ :
أقسم الله تعالى في هذه السورة الشريفة بأمور :
أ- وَالْفَجْرِ : وهو الوقت المعروف الذي بحلوله تجب صلاة الفجر ، وهو عبارة عن بياض في جهة مشرق الشمس ممتد عرضاً من الجنوب إلى الشمال ، وهو المذكور بقوله تعالى :{ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ } البقرة ( 187) .
ويعرف بالفجر الصادق تمييزاً له عن الفجر الكاذب ، ومن المعلوم أنّ هناك فروقاً ثلاثة بينهما:
3/1 الفجر الصادق يمتد عرضاً ، وأما الكاذب فيمتد طولاً أي: من أعلى إلى أسفل .
3/2 الفجر الصادق يزداد النور بعده حتى يخرج النهار وأما الكاذب فيعقبه ظلمة .
3/3 الفجر الصادق يدخل به وقت صلاة الفجر ، ويلزم الصائم الإمساك عنده وأما الكاذب فلا .
2– وَلَيَالٍ عَشْرٍ:
هي عشر ذي الحجة وهي كما ذهب إليه الجمهور أفضل أيام السنة كماثبت عند أبي داود(2438) عن ابن عباس قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء “
ويجوز عند العرب إطلاق الليالي على الأيام والعكس .
فحُقَّ أن يقسم بها الرب لشرفها وفضلها .
وقيل : هي العشر الأُول من رمضان كما حكاه ابن كثير عن ابن عباس .
وقيل : هي العشر الأواخر من ليالي رمضان ؛ لأنّ فيها ليلة القدر .
3-وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ:
وهما لفظان للتعداد كما تقدم في شرحنا للغريب ، فإن كان الشفع للخليقة والوتر للخالق فما أولاهما بأن يقسمَ بهما ..
ففي خلق الخليقة شفعاً كالسماء والأرض, والبر والبحر, والأنس والجن, والذكر والأنثى, وغير ذلك دلالة على عظمة الخالق وفائق قدرته .
وأما إقسامه تعالى بنفسه كونه وتراً لا ند له ولا نظير فهو أولى وأحرى .
4– وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ:
وهو قسم بوقت الليل ، والليل يبدأ بغروب الشمس وينتهي بطلوع الشمس كما في قوله تعالى : ” ثم أتموا الصيام إلى الليل ” أي غروب الشمس .
وأقسم الله به لكونه آية كونية دالة على عظمة الخالق وقدرته على التدبير والتصريف كما قال تعالى : {وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ } يس ( 37) .
وهذا الليل الذي يتمتع به الناس كل أربع وعشرين ساعة نعمة منسية لدى كثير من الخلق مع أنّ الله تعالى لو حرمهم منه لما استطاعوا أن يأتوا به ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً : {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ } القصص (72) .
وقد خلق الله الليل فتؤدى فيه فريضتان : وهما المغرب والعشاء ، ونافلة التهجد والوتر ، وفي آخره يكون النزول الإلهي الشريف بيد أنّ الكثيرين أحالوا الليل من وقت عبادة وسكن إلى فرصة عبث وصخب وسهر على فواحش ومنكرات وعروض مسرحية وسينمائية وبيوت رقص وموسيقى !!
(هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ) :
أي هل فيما ذُكر قسمٌ كاف لمن له عقل يدلُّه على الخير ويحجزه عن الشر ويدفعه إلى الحق ويزجره عن الباطل .
{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ } : الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ابتداء ولأمته تبعاً ، والرؤية المسؤول عنها ، رؤية علمية قلبية ، أي ألم تعلم كيف فعل ربك بعاد ؟ وهي القبيلة المشهورة التي حكى القرآن قصتها مراراً وقصّ خبر إرسال هود عليه السلام إليهم في أكثر من موضع من الكتاب العزيز .
ومن خبرهم أنهم كانوا يسكنون في الأحقاف عند أرض حضرموت فقد قال الله تعالى : {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } الأحقاف ، (21) .
ومن خبرهم أنهم كانوا من أشد الناس قوة وأكثرهم صحة وبأساً فقد ذكر الله مقولتهم : {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } فصلت ، (15) .
ومن خبرهم في هذه السورة أنهم كانوا أصحاب عمد يرفعون بها بيوت الشعر التي يسكنونها! .
ومن خبرهم أنّه لم يخلق مثلهم في القوة والبأس ، أو لم يخلق مثل بيوتهم حسب عود الضمير في ” مثلها ”
وخُلاصَة الأَمْر ، أنّ عاداً كفرت بربها ، وأنكرت إلهيته ووحدانيته وكذّبوا نبيهم عليه السلام ، وطغوا وتغطرسوا واغتروا بقوتهم وشدة أجسامهم وفتوة عضلاتهم ، فأرسل الله عليهم ريحاً صرصراً ، عقيماً وسخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً فجعلهم صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية !
وهكذا طويت صفحة هؤلاء اللئام الذين طالما تباهوا بقوتهم وعاندوا نبيهم وبارزوا ربهم بالمعاصي فإذا بالريح العقيم تعصف بهم من كلّ جانب ، فلا يستطيعون دفعها ولا يهتدون إلى الفرار منها سبيلاً , وإذا بأقوى الناس وأشدهم بطشاً صرعى أمام جند الله التي لا تقهر ! {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } هود (102) .
( وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ )
ثمود قبيلة سكنت شمال الجزيرة العربية ، وأرسل إليها صالحٌ عليه السلام ، فكذبوه وعاندوه ، وعقروا الناقة التي جعلها الله آية على صدق نبيهم صلى الله عليه وسلم .
قال تعالى : {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } الأعراف ، ( 73) .
{وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ } هود ( 64) .
ومن خبرهم أنهم استعجلوا عذاب الله عناداً وفجوراً ، وتحدياً قال تعالى : {فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ } الأعراف (77).
ومن خبرهم أنهم لما عقروا الناقة أمهلوا ثلاثة أيام ثم أرسلت عليهم الصيحة فخلعت قلوبهم في أجوافهم فماتوا عن آخرهم !!
( وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ) إن فرعون هو الطاغية المتجبر ، والطاغوت المتأله ، أشدُّ الناس استكباراً ، وأكثرهم غطرسة وغروراً ، وأجرأهم على سفك الدماء واستباحة الأعراض ، وأبلغهم استعباداً للبشر بقوة الحديد والنار !!
فمن طغيانه منازعة الرب – سبحانه – في ربوبيته وإلهيته معاً وفي ذلك يقول الله على لسانه: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى } النازعات ( 24 )
ويقول : {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي } القصص (34) .
ومن خبره قوله تعالى : {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ }
القصص ، ( 4) .
ومن خبره اتخاذه أخبث الوزراء وأسوأ البطانة وعلى رأسهم: هامان الفاجر اللئيم ، {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ } غافر (36) .
ومن خبره: اتخاذه السحرة وتسخيرهم لمآربه الدنيئة ، وإفساد عقائد العباد ، فها هو يجمعهم لتحدي موسى عليه السلام :{فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } الشعراء ( 38) .
ومن خبره قتله للسحرة بعد افتضاح كيدهم وخسارتهم التحدي أمام موسى عليه السلام من ثم إيمانهم بإله موسى وهارون ،
{قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى } طه ( 71) .
ومن خبره إهلاكُ الله له وإغراقه هو وجنده في واحدة من عجائب أيام الله وقهره لأعدائه الظلمة الفجرة .
{فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ * وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى } طه ( 78، 79) .
( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ )
وهذه الآية الكريمة التي ساقها الله تعالى عقب ذكره لأخبار الأقوام المعذبين من قوم عاد وثمود وفرعون جعلها قاعدة عامة يعتبر بها كلُّ الناس فيعرفون جماعات ، وأفراداً أنّ الله تعالى لا تخفى عليه أحوالُهم ولا يغيب عنه شيء من أفعالهم وظلمهم وبطشهم ، وعدوانهم ، وتكذيبهم ، وإعراضهم ، وكيدهم ومكرهم!
وأنّه كما استأصل شأفة الأولين فهو بالمرصاد للآخرين!
فلا يغتر أحد بقوته ولابسلطانه ولا بماله ولا بجاهه ، وإلّا فإنّ الله تعالى قد قضى بإذلال الجبابرة وقصم الطواغيت والفراعنة !
( فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ )
إنَّ الإنسان في دنياه عرضة للابتلاء بالنعماء والضراء والخير والشر ، {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } الأنبياء (35) .
وذلك ليعلم الله الصابر من الجازع والشاكر من الكفور وهي ابتلاءات متعددة من غنى وفقر وصحة ومرض ، وعز وذُلّ ونجاح وفشل !!
وبعض الناس يظن أنّ ما يُعطاه من الرزق والصحة والولد والجاه وغير ذلك لمكانته عند الله ومنزلته وما درى أنّ ذلك ربما كان استدراجاً وإملاءً ليزداد كفراً وعتواً :
{أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَّا يَشْعُرُونَ } المؤمنون ( 55، 56)
{وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ }
آل عمران ( 178) .
{فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ } الأنعام (44) .
فهل كان قارون ذو الثراء العريض محبوباً لله ؟
وهل كان أبو جهل ذو الجاه والمكانة محبوباً لله ؟
وهل كان الوليد بن المغيرة ذو الأولاد والأموال محبوباُ لله ؟
وهل كان أبو طالب ذو النسب العريق محبوباً لله ؟
وفي المقابل يظن آخرون أنّ تقتير الله تعالى عليهم في الرزق والمال والجاه بسبب هوانهم على الله !!
فهل كان أيوب عليه السلام الذي مسّه الضُّر وألمت به الأوجاع والأسقام مهيناً عند الله ؟!
وهل كان يوسف الصديق الذي ألقي به في غيابة الجبّ ثم بيع عبداً مملوكاً ثم زُجّ به في غياهب السجون بضع سنين وضيعاً عند الله ؟!
وهل كان أصحاب الصُّفة الذين كانوا يقتاتون على صدقات الناس وضعاء عند الله تعالى ؟!
إذاً القضية قضية امتحان وابتلاء ، لا إكرام واحتقار فمن تنعم بخيرات الله ، وأصاب من بركات مولاه ، فليحمد الله، وليشكره بالقول والعمل وليستعن بتلك الهبات على طاعة ربه سبحانه .
ومن ابتُلي بشيء من ابتلاءات الله ، ومسّه شيء من أقدار الله ومصائبه فليصبر وليحمد الله على قضائه وبلائه وليدع ربّه أن يُهَّون عنه مصابه ويرفع عنه بلائه فإنّه سبحانه جواد كريم !
(كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً ) وفي هذه الآيات الكريمات يُبيّن الله تعالى ما جبل عليه الإنسان من الأثرة والأنانية ، وعدم المبالاة بالغير ولو كان يتيماً ضعيفاً أو مسكيناً فقيراً . ..
واليتيم هو: من فقد أباه أو أمه أو كليهما قبل بلوغ الحُلم ، وعادة من هذا حاله أن يكون فاقداً للحنان والعطف فهو بأمسّ الحاجة إلى من يُعوّضه ذلك الكنز المفقود !
فعند مسلم (5296) عن هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَافِلُ الْيَتِيمِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ وَأَشَارَ مَالِكٌ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى
وأما المسكين فهو المحتاج ، الفاقدُ لما يكفيه ممّا لا بد منه من طعام وشراب وكسوة .
وفي الآية ينقم الله على ذوي المال والقدرة شحهم وبخلهم في الإنفاق على المساكين أو إطعامهم بما يسدُّ رمقهم .
وللأسف الشديد فإنّ أثرياء المسلمين لا يحرمون اليوم المساكين الصّدقات على وجه التطوع فحسب ، ولكنهم يحرمونم حقهم الواجب من الزكاة المفروضة !
ولو أخرج المسلمون زكاة أموالهم الواجبة فضلاً عن التطوع والنافلة لما وجدت في ديار المسلمين فقيراً ولا محتاجاً ؟!
ولكن ويلٌ لهم من قوله تعالى :{ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ } التوبة (34 ، 35 ) .
وأما قوله:
{ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً }
التراث هو: الميراث وكانوا لشدة حرصهم يأكلونه بنهم عجيب ، وذلك لما جُبلوا عليه من حبّ المال ، وجمعه بأي وسيلة وبأي طريق ؟!
وفي زماننا تعددت وسائل كسب المال وتسابق الناس إلى الاستزادة منه بطرق غير مشروعة كالربا والرشوة والمعاملات المشبوهة والمساهمات المحرمة عياذاً بالله !
( كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكّاً دَكّاً ) :
وهنا بدأ البارئ – تعالى – بذكر بعض الآيات التي تحكي واقع القيامة وما فيها من البلاء الشديد ، والتهديد الرهيب !!
ودكُّ الأرض: تسويتها ومدّها مدّ الأديم ، فلا جبال شاهقة ولا وديان سحيقة ولا سهول ولا هضاب ، فكلها عادت طبقة واحدة ” لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً ! فسبحان الله العليم القدير .
( وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً ) أي جاء الرب تعالى لفصل القضاء بين العباد وهو مجيء حقيقي كما يليق بجلاله وعظمته كسائر صفاته ، ويجيء المَلََكُ في هيئة صفوف متناسقة استجابة لأمر الله .
والملَََك: اسم جنس يرادُ به الملائكة الذين لا يحصى أعدادهم إلا هو سبحانه !
( وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي * فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ )
في صحيح مسلم (5076 ) عن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا
وهذا يدل على سعتها وكبرها!
{إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً } الفرقان ( 12) .
وهي نار تفوق نار الدنيا بتسعة وستين جزءً كما روى البخاري (3025) مسلم (5077) عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَارُكُمْ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً قَالَ فُضِّلَتْ عَلَيْهِنَّ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا.
ومن أهوالها سلخها للجلود : {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً } النساء، (56)
ومن أهوالها: إحراقها للأفئدة :( وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ ) الهمزة ( 5- 9 ) .
ومن أهوالها: أشجار من نار وطعام من زقوم :{ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِّنْ حَمِيمٍ * ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ } الصافات ( 64- 68 ) .
وفي تلك الساعات العصيبة يتذكر الإنسان وأنّى له الذكرى ؟!
يتذكر إن كان مسيئاً أن لو كان أحسن عمله وقوله ، وأصلح قلبه وقالبه ولكن هيهات ؟!
ويتذكر إن كان محسناً إن لو استزاد إحساناً واستكثر براً وإيماناً ولكن هيهات ؟!
( يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ) : أي ليتني عملت في دنياي لآخرتي أي للحياة الحقيقية ، ولكن متى كانت الجنات تنال بالأماني ؟!
( فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ } أي في ذلك اليوم لا يعذب أحدٌ كعذاب الله ولا يوثق كوثاقه ، فإنّ كل شقاء الدنيا وعذابها لا يساوي شيئاً أمام عذاب الجبار يوم القيامة فهل من متعظ ؟
( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) : فهو خطاب المَلَك الكريم للنفس العاملة المؤمنة المحتسبة حال احتضارها بأنها سترجع إلى ربها راضية مرضية بعملها ونتيجته ، ومرضي عنها وعن عملها ، فلتدخل في جنة الله وزمرة عباده المؤمنين !!
فوائد السورة :
1- أن الله تعالى يقسم بما شاء من مخلوقاته .
2- أهمية وفضل وقت الفجر فبحلوله يمسك الصائم وتجب صلاة الفجر ولذا أقسم الله به .
3- فضل الليالي العشر سواء كانت عشر ذي الحجة أم العشر الأواخر من رمضان .
4- أن الشفع والوتر من آيات الله العظيمة .
5- سريان الليل ومضيه, وإقباله وإدباره من آيات الله الباهرة الدالة على عظيم صنعه وبالغ قدرته.
6-الإسلام يُقدّر العقل ويمنحه اعتباره شريطة الّا يُعارض به الشرع,أو ترد به الأحكام الثابتة ولذا قال الله : ( هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ )
7- إهلاك الله تعالى للأمم السابقة بسبب كفرها ومعاصيها فيه عبرة وعظة لكل كافر وعاص ومستكبر ومغرور !
8- أنّ الله بالمرصاد لكل طاغية مستبد .
9-ابتلاء الله – تعالى – لعباده بالسراء والضراء .
10-أنّ ابتلاء الله – تعالى – لعباده بالسّراء ليس دليل كرامتهم عليه ومكانتهم عنده .
11-أن ابتلاء الله لعباده بالضراء ليس دليل هوانهم عنده .
12- فضل إكرام اليتيم وإطعام المسكين .
13- ذم من لم يكرم اليتيم أويطعم المسكين .
14- بيان ما جبل عليه الإنسان من الجشع والحرص وحب المال .
15-ذكر بعض أحداث القيامة كدك الأرض وتسيير الجبال تخويفاً للعباد ليستعدوا ليوم المعاد.
16- مجيء الرب تعالى كما يليق بجلاله لفصل القضاء .
17-مجيء الملائكة لشهود الموقف ، وتنفيذ أوامر الرب .
18- الإتيان بجهنم لها سبعون ألف زمام .
19- ندم الإنسان على تقصيره في العمل الصالح أو تورطه في العمل الفاسد .
20-أنّ الأماني لا تفيد أصحابها شيئاً .
21-شدة عذاب الله يوم القيامة .
22- البشارة للنفس المطمئنة بجنة الله ونعيمه الخالد
www.islamlight.ne
كتبه د/ رياض بن محمد المسيميري
أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض
– عفا الله عنه-