ساندرا موتي .. الراهب البوذي والزعيم السياسي
وُلد الراهب والزعيم السياسي ساندرا موتي Sandra Mote لأبوين فقيرين ينتميان إلى طائفة (التاميل)، التي تدين بالبوذية، وتعيش في إحدى قرى سيريلانكا، وكان أبوه وأمه يمارسان طقوس العبادة أمام تلك التماثيل(1).
قصة إسلام ساندرا موتي
بدأت قصة (ساندرا موتي) مع الإسلام عندما بدأ يشك في البوذية، فلم يقتنع أن هذه التماثيل تحقق له أو لغيره ما يريده من طموح، أو تدفع عنه أذى؛ فهي مجرد أحجار صنعتها يد الإنسان، ثم عبدها صانعها بعدما أمعن في إجلالها وتوقيرها.
تأمل ساندرا موتي في تعدد عبادات البوذيين والأشكال القبيحة التي تتخذها تعاليمهم، وقارن بينها وبين ما يقوله المسلمون عن إلههم الذي ليس كمثله شيء، فهو واحد أحد لا يمكن أن يُشَبَّهَ بمخلوقاته.
وتساءل ساندرا موتي في نفسه قائلاً: قد يكون (بوذا) فعلاً رجلاً زاهدًا وصاحب تعاليم، لكنه لا يمكن أن يرقى إلى مستوى الإله؛ فالكون موجود قبل أن يوجد بوذا، ولا يزال موجودًا بعد رحيله.
كانت تلك الأفكار تدور في عقل ساندرا موتي، ولم يكد يبلغ الثالثة والعشرين من عمره، حتى كان قد قرأ عديدًا من كتب الفكر، فضلاً عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبدأت نفس ساندرا موتي تميل إلى قراءة الكتب الإسلامية؛ التي توضح حقيقة العقيدة الإسلامية وكونها شريعة للناس كافة لا تختص بزمان أو مكان.
وأخذ ساندرا موتي يقارن بين ما قرأه عن الإسلام وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وما يمارسه قومه من طقوس وثنية، وما ينتهجونه في حياتهم من ارتكاب للفواحش وعدم التفريق بين الحلال والحرام، ولم يفته أن يتأمل ما يتميز به الإسلام كشريعة من تنظيم دقيق لعلاقة العبد بالعبد، وعلاقة العبد بربه، تلك العلاقة التي تتم مباشرة بدون وساطة أو كهانة، ويتساوى فيها الغني والفقير، فمقياس الصلاح والقبول ليس بمدى مقدرة المرء على التبرع للمعابد، وإنما بمدى تقواه وإخلاصه لربه.
بدأت نفس (ساندرا موتي) تميل إلى قراءة الكتب الإسلامية؛ التي توضِّح حقيقة العقيدة الإسلامية، وكونها شريعة للناس كافة لا تختص بزمان أو مكان، وأخذ يقارن بين الإسلام والبوذية، حتى جهر بإسلامه وهو في عامه الرابع والثلاثين، وحرص على أن يضيف إلى اسمه اسمًا إسلاميًّا، فتسمَّى باسم (ساندرا موتي محمد أبو بكر)(2).
إسهامات ساندرا موتي
أخذ ساندرا موتي يدعو الناس إلى الطريق الحقِّ، فانطلق يحدِّث أسرته وأقاربه وأصدقاءه عن الإسلام وفضائله، وما هي إلا فترة وجيزة حتى استطاع أن يكون سببًا في هداية شقيقه وشقيقته ثم والديه، وتلاهم والدُ زوجته، وجَدَّته، وزوجته وأبناؤه جميعًا، ولم يشذ عنهم سوى شقيقين له أبيا أن يتركا الضلال؛ حيث إنهما عضوان في (حركة نمور التاميل)(3).
ولم يكتفِ (ساندرا موتي محمد أبو بكر) باعتناقه الإسلام، وإنما أسهم في إنشاء (حزب المؤتمر الإسلامي)، الذي يُعَدُّ أول حزب إسلامي في بلاده، كما قام بتأسيس منظمة اجتماعية لخدمة المسلمين، تبعها بإنشاء منظمة أخرى لهذا الغرض.
إضافةً إلى أنه استطاع أن يغزو المجال السياسي ويفوز بعضوية البرلمان؛ وذلك من أجل رفع الظلم عن مسلمي سيريلانكا، فضلاً عن تبني قضايا المسلمين وغيرهم من الأقليات، التي لا تجد من يتحدث عنها.
وأيضًا من الجهود التي قام بها أنه تصدى للأساليب التي يقوم بها المنصِّرون بين أوساط المسلمين، مستغلين عاملي الفقر والجهل؛ لذلك دعا لزيادة عدد المراكز الإسلامية الموجودة في بلاده، كما دعا إلى ترجمة الكتب الإسلامية إلى اللغة السيريلانكية والإنجليزية، والتوسُّع في برامج تعليم اللغة العربية لمسلمي بلاده؛ حتى يصبحوا دعاةً يشرحون مبادئ الإسلام لقومهم.
كذلك قام بمساعدة المسلمين الذين دخلوا الإسلام حديثًا؛ لمواجهة الضغوط التي تقام ضدهم من أجل ردِّهم عن الإسلام(4).
(1) مجلة الفيصل – عدد ديسمبر 1991م.
(2) محمد كامل عبد الصمد: الجانب الخفي وراء إسلام هؤلاء 1/225، 226.
(3) مجلة الفيصل – عدد ديسمبر 1991م.
(4) محمد كامل عبد الصمد: الجانب الخفي وراء إسلام هؤلاء 1/227.
المصدر: كتاب (عظماء أسلموا) للدكتور راغب السرجاني.