شبهات حول الإسلام

هل الحج للكعبة عبادة وثنية

ادعى البعض بأن المسلمين مثلهم مثل عباد الأصنام وذلك لأنهم يحجون إلى الكعبة وهي بيت من حجر كان يطوف حوله مشركو العرب يطوفون حوله.


والرد على هذه الشبهة من وجوه:

أولا : إن كانوا يعتبرونها عبادة وثنية لأن عرب قريش فعلوها قبل الاسلام:
فنقول لهم إن هؤلاء كانوا على ملة إبراهيم والحج هذا مما بقي من دين إبراهيم وكذلك أشياء أخرى مثل الأشهر الحرم ولكنها اختلطت ببعض افكار البشر مما جعلها عبادة وثنية واتى الاسلام لا ليلغيها ولكن يعود بها الى أصلها الذي فرضه الله على البشر.

ثانيا: هل هي وثنية بسبب أن اعتبار وجود بيتٍ لله من الحجر يُطافُ حوْلَهُ ؟!

ان كان وجود بيت لله يحج اليه الناس عبادة وثنية فيكون على زعمكم هذا الرب إلهكم في كتابِكم المقدّس يأمر بالعبادات الوثنية , ويكون يعقوب النبي وثني يتقرب ويشكر الله بعبادة وثنية وذلك كما نص الكتاب المقدس في سفر التكوين ( 28 🙂 (18 و بكر يعقوب في الصباح و أخذ الحجر الذي وضعه تحت رأسه وأقامه عمودا وصب زيتا على رأسه 19 ودعا اسم ذلك المكان بيت إيل ولكن اسم المدينة اولا كان لوز20 ونذر يعقوب نذرا قائلا إن كان الله معي و حفظني في هذا الطريق الذي انا سائر فيه واعطاني خبزا لاكل و ثيابا لالبس21 و رجعت بسلام الى بيت ابي يكون الرب لي الها22 وهذا الحجر الذي اقمته عمودا يكون بيت الله و كل ما تعطيني فاني اعشره لك).
وهنا يتضح ان يعقوب اقام بيت منحجر لله بعد ظهور ملك الرب له وفعل ذلك لله ولم يعارضه الله اذن الحج للكعبة ليسعبادة وثنية بنص كتابهم وبفعل نبي.

ثالثاً : معنى العبادة .. وهل ينطبِق هذا المعنى على تقبيل الحجر الأسود أو الطواف حول البيتِ عند المسلمين:
إن من يعبد شيئا مهما كانت طبيعته فإنه يعتقد أن له سلطة غيبية ينعكس تأثيرها على الواقع ، وبالتالي فإن العابد يتقرّب إلى معبوده رجاء للنفع أو دفعاً للضرّ ، وهو في الوقت ذاته يعتقد أنالتقصير في حق هذا المعبود أو ترك عبادته يترتّب عليه حصول الضرر ووقوعه كنوع من العقاب ، ومثل هذا مشاهدٌ حتى في واقع الناس اليوم من أتباع الديانات الوثنية المنتشرة في أرجاء الأرض ، إذ يلاحظ في أتباع تلك الديانات خضوعاً لمعبوداتهم رغبةً في جلب المنافع المختلفة ، أو دفع المضارّ من القحط والجفاف ونحوه ، مع تعلّق قلوبهم بهذا المعبود خشية منه ورهبة من سلطانه . وهذه السلطة الغيبية قد تكون في نظرهم سلطة ذاتية ، بمعنى أن العابد يرى استقلال معبوده بالنفع والضرّ ، وهذا كالذين يعبدون الشمس والكواكب لاعتقادهم بتأثيرها على نواميس الكون وتسييرها للخلائق ، أو أن تكون السلطة غير ذاتية بأن يعتقد أن معبوده يشكّل واسطة بينه وبين قوّة علوية لها قدرة ذاتية مستقلة في النفع والضرّ ، فيؤدي ذلك إلى عبادته رجاء شفاعته عند من يقدر على النفع والضرّ ، كما هو الحال مع كفار قريشالذين كانوا يعتقدون أن الأصنام والأوثان التي يعبدونها تقربهم إلى الله جلّ وعلا ،وتشفع لهم عنده ، يقول الله عزوجلّ مبينا ذلك : { والذين اتخذوا من دونه أولياء مانعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله } ( الزمر : 3 ) ، وفي موضع آخر : { ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله } ( يونس : 18).

وبناء على ما سبق ، فإن المسلمين لم يعبدوا الحجرالأسود ، لأنهم لا يرون أن أحداً يملك الضرّ والنفع غير الله تعالى ، فهم ينفون وجود أية سلطة ذاتية في المخلوقات مهما كانت ، كما أنهم يرون أن علاقة المخلوق بالخالق علاقة مباشرة ليس فيها وسيط ، وأن العباد لا يحتاجون إلى شفيعٌ يقصدونه بالتقرّب دون الله عز وجل ، بل إنهم يعدّون ذلك من الشرك الأكبر المخرج من ملة الإسلام ، لأنهم يرون أن العبادات لا يجوز صرفها لأي مخلوق ، سواء أكان ملكاً مقرّباً أم نبيّاً مرسلاً ، فضلاً عن كونه حجراً لا يضرّ ولا ينفع. ويقرّر ذلك الصحابيّ الجليل عمر بن الخطاب في مقولته الشهيرة : ” إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ” ، فقد أراد أن يبيّن للناس أن هذا الفعل هو محض اتباع للنبي صلى اللهعليه وسلم ، وليس لأن الحجر ينفع أو يضرّ ، وعليه فإنه لا قدسية لأحجار الكعبة بذاتها ، وإنما اكتسب الحجر الأسود هذه المزية لأمر الله تعالى بتقبيله ، ولو لم يرد ذلك الأمر لم يكن لأحد أن يقوم بتقديسه أو تقبيله .

ثم إن رحى العبادة تدور على قضيّتين أساسيّتين : تمام المحبة مع غاية الذلّ والخضوع ، فمنأحبّ شيئاً ولم يخضع له فليس بعابد له ، ومن خضع لشيء دون أن يحبّه فهو كذلك ليسبعابد له ، ومعلوم أن تقبيل الحجر الأسود هو فعلٌ مجردٌ من الخضوع والذلّ لذلك الحجر.

يضاف إلى ما سبق ، أن المسلم يعتقد فضيلة خاصة في الركناليماني كما يعتقد فضيلة الحجر الأسود ، فقد ورد في مسند الإمام أحمد عن عبدالله بنعمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن مسح الركن اليماني والركن الأسود يحط الخطايا حطاً ) ، ومع ذلك لا يرى المسلم مشروعيّة تقبيل الركن اليماني ، وإن كانيفعله بعض جهّال المسلمين.

ومن المناسب أن نقول : إن من يعبد شيئا فلا شكّ أنه يرى في معبوده أنه أعلى منه وأفضل منه ؛ لأن العابد لا يعبد من يرى أنه مثله أو أدنى منه منزلةً وقدراً ، ونحن نعلم أن حرمة المؤمن أعظم من حرمة الكعبة ،بل أعظم من حرمة الدنيا بأسرها ، كما جاء في الحديث الذي رواه أصحاب السنن عدا أبيداود عن عبدالله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم ) ، وجاء عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه قالفي الكعبة : ” ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك ) ، فما سبقيبيّن لنا نظرة الشرع للمسلم في كونه أعظم حرمةً من الكعبة بما فيها الحجر الأسود ،فكيف يصحّ أن يقال إن المسلمين يعبدون هذا الحجر ؟!!.

ولنقف قليلاً لنتدبّر ، ألم يكن العرب في جاهليّتهم يتخذون العديد من الآلهة من مختلف الأشياء ،وهم مع ذلك لم يتخذوا الحجر الأسود إلها من دون الله ، ولكنهم جعلوا له حرمة ومكانةباعتباره من البقايا الموروثة للكعبة التي بناها إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام ، فإذا كان هذا حال العرب في جاهليّتهم بمثل هذا الوضوح ، فأين عقول المستشرقين عندما نسبوا ذلك إلى المسلمين ؟! .
أمير عبدالله
منتدى حراس العقيدة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى