نساء أسلمن

الأخت نور تحكي قصة إسلامها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كنت أعيش فى مجتمع غالبيته من اليهود وإن كان فيه بعض من المسلمين والمسيحيين
تلقيت تعليمى الابتدائى من الصف الأول للصف الرابع الابتدائى فى مدارس عربية، ومن الصف الخامس إلى نهاية المرحلة الثانوية فى مدارس يهودية، وذلك لأن المدارس اليهودية هنا أعلى فى التحصيل وفى المستوى العلمى
لنا جيران مسلمين ولى أيضا بعض صديقاتى من المسلمات، ولا أخفى عليكم سرا بأن اقرب صديقتين لى مسلمتين أحداهما متدينة جدا والأخرى عادية.
كنت دائما أذهب إليهم فى بيوتهم، أختلط بهم، أرى عاداتهم عن قرب، كنت وقتها فى المرحلة الثانوية، وكنت أخفى إعجابى الشديد لهذا الترابط الأسرى وهذه الروح الجميلة التى أشعر بها حينما أدخل بيت أحداهما، وحدث لى يوما لن أنساه أبدا ما حييت قد يكون سببا فى تغيير مسار حياتى؛ فقد دعتنى إحدى صديقاتى للإفطار معهم فى البيت وكان أحد أيام رمضان الكريم منذ ست سنوات مضت- فنويت أن أصوم فى هذا اليوم بأن امتنع عن الأكل والشرب طبعا ليس لله ولكن احتراما لصديقتى ولمشاعر أهلها فذهبت إليهم وحانت ساعة المغرب والتف الجميع حول مائدة الطعام العامرة بخيرات الله. هذه حقا لحظات رائعة، أنا سعيدة أنى معهم ألآن لا اعرف مصدر السعادة ولكنى أتمنى لو أنظر إليهم دون أن أتناول لقمة واحده، أنظر إليهم فقط- حان وقت المغرب – إنه ألان – رفع الأذان – يا ألهى!! وجدت شيئا أروع ما يكون ؛ الأب يجلس على رأس المائدة ، وزوجته وأولاده وأنا – نجلس على باقى المقاعد المتراصة حول المائدة ، لقد فعلوا شيئا عجيبا ما رأيته من قبل ، لقد رفع الأب يديه إلى السماء وأخذ يدعو الله ، وكلهم بلا استثناء رفعوا أيديهم أيضا كلهم يدعون الله قبل أن يأكلوا وأنا انظر إليهم, رسخ هذا الموقف فى ذهنى فما نسيته ولن أنساه ما حييت. كنت سعيدة حقا.
وعدت إلى بيتي سعيدة أيضا، لقد رأيت شيئا جميلا ، أسعدنى هذا الترابط الأسرى الجميل ، وهذا الصيام وهذا الدعاء وكرم الضيافة الرائع مع أنى مسيحية ولم يشعرونى أنى مسيحية وكأنى من أفراد الأسرة.

وفى احد أيام رمضان كنت أجلس أمام التلفاز ، إنها إحدى حلقات (عمرو خالد) إنه يتحدث عن السيدة خديجة رضى الله عنها وكيف ساندت الرسول حينما تركه الناس وكيف وقفت بجانبه ، كانت حلقة جميلة ورائعة ، أحببت هذه المرأة حبا شديدا وتأثرت بها جدا وأحببتها أكثر من أى مخلوق فى الدنيا ولكنه لم ينه الحلقة وقال نكملها غدا ولكن غدا حدث لى شئ عجيب جدا منعنى من أن أشاهد تكملة الحلقة
وكنت على موعد من مشاهدة باقى الحلقة . كنت أنتظرها طوال اليوم أريد أن أعرف كيف وصلت هذه السيدة العظيمة من حال وإلى أين وصلت ، ولكن حدث ما لم أتوقعه مع أن بيتنا بيت علمانى غير متدين وليس له ارتباط بالدين مع أننا جميعا من المسيحيين ، ونذهب إلى الكنيسة ولكن ليس بصفه دائمة ولكننا نذهب .

مع كل هذه المتناقضات كنا نحترم بعضنا البعض ولا نتناقش أبدا فى الديانات أيا كانت وما سمعت يوما أبى يسب الرسول صلى الله عليه وسلم مثلا والله يشهد فالأمر لا يعنينا كثيرا. الشئ العجيب الذى حدث ومع كل هذه الظروف فى البيت من حرية لكل عضو فيه إلا أنها ولأول مره تنهرنى أمى بسبب مشاهدتى لعمرو خالد ولماذا أنا متأثرة به لهذه الدرجة وكنت أبكى بالأمس فى درسه عن السيدة خديجة ، وضحت لها أننى أحب أن أراه واستمع إليه فمنعتنى ، فتركتها ولم أشاهد الحلقة
ولكن وكأن الله عوضنى عن حلقة أخرى أجمل وأروع إنه يتحدث عن وفاة الرسول ، كان أسلوبه جميل فقد كان يتكلم ويبكى وكنت أبكى أنا أيضا ، انهمرت فى حالة بكاء شديدة لا أعرف لماذا ، وأصابتنى حالة لا إرادية لا أعرفها ، هذه ألحاله هي حالة حب شديدة للرسول ، نعم أحببته حبا شديد وأنا لازلت مسيحية ، تأثرت جدا لموته وكأنه مات الآن أمام عينى.

.من ساعتها قررت بينى وبين نفسى أن أشترى مصحفا ، وفعلا ذهبت للمكتبة واشتريت مصحفا ولكنى لم أقرأه بل نسيته تماما
ثم حدث لي موقف غير مسار حياتى ووجدتنى أبحث عن هذا القرآن فى كل مكان وهو أنني كنت أنا وأبى نسير فى إحدى الطرق السريعة بالسيارة وكان الطريق متوقفا ، فنزلنا من السيارة لنرى سبب هذه العرقلة الطويلة ، فوجدنا عجب العجاب وجدنا سيارة مقلوبة ومدمرة ومحترقة تماما وداخلها أناس لا تعرف معالمهم ، يا إلهى كان كل شئ مدمر تماما ، كل شئ أتت عليه النار لم تتركه ، كل شئ كل شئ إلا شئ واحد فقط لم تمسه النار ولم يلحظه أحد غيرى إنه القرآن ، نعم إنه مصحف . مسكته بيدى ، كانت مقدمته ومؤخرته الجلدية قد احترقت ولكن أوراقه كما هي ، الكلام واضح ! يا ألهى ما هذا؟! أبى انظر هذا الأمر لم يلفت انتباه أى حد إلا أنا فقط ونبهت أبى إليه.

حينما عدت إلى البيت صدمت صدمه كبيرة ، فحينما عدت إلى البيت كنت أبحث عن هذا المصحف فى كل مكان ولكنى لم أجده ، يا ألهى أين ذهب ؟! بحثت عنه كثيرا ولكنه غير موجود ، ووجدتني أريد أن أقرأ فى هذا المصحف ، أريد أن أعرف كيف أتت النار على كل شئ إلا هذا الكتاب ؟ لماذا ؟؟ أكيد هذا الكتاب فيه أشياء رائعة لعلنى سأجده أو أشترى غيره ، ولكن زاد فضولى أن أعرف الكثير عن الإسلام . لابد أن أعرف.

شرعت فى سؤال صديقتى عن الإسلام كانت اغلب أسئلتى لهن عن هذا اللغط الذى توطد فى ذهنى عن الإسلام وكيف أن الرجل المسلم يتزوج أربعة من النساء ؟
وكيف تكون المرأة خاضعة له هكذا ؟؟ وما هذه الأشياء التى تلبسها ؟؟ أنها عفا عليها الزمن من حجاب وتغطيه لوجهها أحيانا ولا ترى أساليب الموضة الحديثة ولا تتطور مع الزمن

لالالا أنا أرى أن كل هذه الأشياء رجعيه متأخرة مع كل إجاباتهم لم أقتنع ولكن وجه إلي سؤال من أحداهما عجزت عن الإجابة عنه ، وهو : من تعبدين ؟ نعم !!! أعبد الله طبعا ، فقالت : أى إله ؟؟؟ الله الذى خلقنى . الله الذى خلق كل شئ فى هذه الدنيا . الله الذى أرسل الرسل كلهم ؟ قالوا لى: لا عفوا هذا الله فى الإسلام . أنتِ من تعبدين ؟؟ الأب أم الابن أم الروح القدس؟؟؟؟ وهل كلهم واحد ؟ وكيف ؟ إنما إلهنا إله واحد لا شريك له ، ونصلى له ، ونصوم له ، وعبادتنا كلها خالصة لوجهه الكريم ، لا نتقرب له من خلال أى وسيط أخر ، ولا نرجو إلا رحمته هو فقط ، تعالى ، تعالى اسمعى ماذا يقول القران فى المسيح وأمه ، وأداروا التسجيل وخرج منه صوت جميل يقرأ قراءة رائعة ، أخذ يقرأ فى سورة مريم عرفت وقتها كيف كرم الإسلام مريم العذراء والمسيح عليهما السلام ، ولفت أنتباهى شئ رائع حقا لو كان هذا القرآن من تأليف الرسول محمد وليس من عند الله لماذا لم نجد سورة عائشة أو سورة خديجة أو سورة فاطمة رضى الله عنهم جميعا ؟ وهن من أحب النساء الى قلبه كما علمت ، ولكن هناك سورة مريم . الشئ الأخر ذكر الرسول محمد نفسه باسمه كان قليلا جدا فى القرآن كما علمت أيضا فى حين ذكر موسى مثلا عشرات المرات ، وكذلك المسيح عشرات المرات ، كان رد الفعل من صديقتي ما توقعته قالوا لى : نحن نحبك ونخشى عليكِ ولو زلتى على هذه الحالة لن تخرجى من النار أبدا لأنكِ أشركتِ مع الله إلها آخر ، لما لا توحدي الله ؟؟ لما لا تقرى بوحدانية الله وأنه إله واحد ليس له ابن ؟؟
لما لا تنجى نفسك من نار وعذاب أليم لا ولن تتحمليه أبدا فكرى فى هذا الكلام.

وبالفعل بدأت أفكر كثيرا فى هذا الأمر وعدت إليهم بعد فترة وقلت لهم لو كنتم تحبوننى فعرفونى كيف أصبح مسلمة لا تتركونى هكذا ، بربكم كيف أكون مسلمة ؟؟؟ فذهبنا ثلاثتنا إلى أحد المساجد البعيدة وأنا أفكر فى الطريق كيف سأنطق الشهادة وماذا سيحدث لى بعدها ، إنها أسئلة كثيرة والطريق طويل ، ولكن الحمد لله ها نحن قد وصلنا ودخلنا المسجد ، وحينما رآنى الشيخ قال لى شيئا ما توقعته أبدا ، فقد قال لي : إرجعى إلى بيتك . صراحة ردّ فعل ما توقعته من هذا الشيخ ، أرجع إلى بيتي ؟ لماذا ؟ أنا جئت هنا حتى أعلن شهادتى وإسلامى لماذا ترفضنى ؟؟؟ فرد عليا بنبرة تملؤها الطيبة : مهلا يا ابنتى لإعلان الشهادة والدخول فى الإسلام شروط وعليكِ أن توفى هذه الشروط ، عودى إلى بيتكِ وأغتسلي وتطهري أولا والبسي ملابس أكثر احتراما تليق بفتاة مسلمة ، وحينها سأعلمك وأساعدك على أن تكونى مسلمة ، فقلت له : حسنا يا شيخ سأفعل .

وفعلا عدت إلى البيت واتجهت مباشرة إلى الحمام واغتسلت غسلا كاملا وبحثت فى ملابسى حتى وجدت ملابس طويلة ومحترمة ، ولكن وقعت فى مشكلة أخرى ليس لدى غطاء للرأس يا إلهى ماذا سأفعل ؟؟ لا مشكله سأشترى فى الطريق ، ثم اعترضت أمي طريقى وسألتنى إلى أين أنتِ ذهبه ؟؟ أنا ذاهبة يا أمى إلى مشوار مهم جدا ، نظرت إلي ولم تعلق ، وخرجت من البيت وتوجهت مباشرة إلى أحد المحلات وطلبت حجاب للرأس وأخذته ( رفضت صاحبة المحل أن تأخذ ثمنه وأعتقد أن إحدى صاحبتيّ أخبرتها ) أرتديته وخرجت مسرعة وها أنا ذا على أتم استعداد للنطق بالشهادة أعتقد أنه لا يوجد لدى الآن أى مانع .

وصلنا إلى المسجد وكان الشيخ فى انتظارنا ولقننى الشهادة ورددتها خلفه وأنا فى حالة لا أعرفها ، حاله من البكاء والفرحة ، حاله من حشرجة الصوت الممزوجة بسعادة غامرة ، ولما انتهيت عرفنى ما هو الإسلام وما هى أركانه وما هى أركان الإيمان ، ثم عرفنى الصلاة وكيفيتها وشروطها ، كل ذلك وأنا أسجل خلفه فى ورقة حتى لا أنسى ، وانتهيت معه على وعد بتكرار الزيارة حتى يعيننى فى أمور الدين وتلقيت التهانى الحارة .

وعدت إلى البيت فى لباسى الجديد وصفحتى البيضاء وقلبى الذى يطير من الفرحة ، وحينما دخلت البيت وجدت أمى وأبى جالسين ، فنظرا إلي بدهشة ثم نظرا إلى بعضيهما البعض أما أنا فقلت لهم سريعا : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فاعتقدا للوهلة الأولى أننى أمزح أو أهرج أو أن قلبهما رفض أن يقتنع بما رأته العين او سمعته الأذن ، وسألتني أمى بنبرة حزينة خائفة ما هذا ؟ مالك ؟ أجبتها بكل ثقة : لقد أسلمت يا أمى ، فانهمرت فى حالة هستيرية من البكاء والنحيب أما أبى فضحك قليلا ثم قال لى : تعالي أريد أن أتحدث أليكِ ، فذهبت معه إلى غرفة أخرى ، فقال لى : هل أنتِ تعى ما فعلتيه ؟ فقلت : نعم يا أبى. قال : هل عرفتِ الإسلام حتى تعتنقيه ؟؟؟ قلت : ليس كله يا أبى ولكنى حتما سأعرف مع مرور الوقت ، يا أبى لقد أحببت الإسلام كثيرا ، فقال : يا ابنتي ربيناكِ على الحرية والصراحة ولكن قبل أن تخطو قدماكِ خطوة عليكِ أولا أن تقتنعى بها حتى لا يؤثر ذلك على مستقبلك كله . وتركنى وعاد إلى أمى وقال لها: اطمئنى، إنها حالة عارضة وفترة قصيرة وسوف تعود إلى رشدها.

دخلت إلى غرفتى فغيرت ملابسى ثم أغتلست ثانية حتى أصلي المغرب ( كنت أعتقد فى بادئ الأمر أنه علي أن أغتسل غسلا كاملا لكل صلاة ) وصليت المغرب فى غرفتى وأنا ممسكة بهذه الورقة التى فيها كيفية الصلاة والفاتحة وسورة الإخلاص، وحين فرغت من الصلاة أمسكت بالمصحف وشرعت فى حفظ سورتى الفاتحة والإخلاص حتى أصلي بهما بعد ذلك دون الحاجة للاستعانة بهذه الورقة.

وأثناء قراءتى فى المصحف دخل علي أخي. ولم يكن أخي هذا من الشخصيات العصبية، بل على العكس تماما كان هادئ الطباع كريم الخلق، وكنت أقرب إنسانة إليه فى هذه الدنيا، وكان يحبنى بشدة ويخشى علي من أى شئ، وأنا أيضا كان أقرب إلي من نفسى، تذكرت حين دخل عليا هذه الحميمية الشديدة بيننا، وتذكرت كيف كان يلعب معي كثيرا، وتذكرت كيف كان يتحدث معي فى خصوصياته دون الآخرين من أفراد الأسرة، تذكرت الساعات الطويلة التي كنا نقضيها نتسامر ونضحك، حقا إنه أخ مثالى. تذكرت كل هذه الأشياء فى لمح البصر بمجرد أن دخل علي وأنا فى يدي المصحف أقرأ منه، إنه لن يفعل بى شيئا، فقد نظر إليّ وقال ماذا تفعلين ؟ فقلت: أقرأ، فقال: فى أى شئ تقرئين ؟ قلت: مصحف، قال: مصحف ؟؟ قلت: نعم، قال: كتاب المسلمين ؟؟ قلت: نعم قال: لماذا ؟؟ قلت: أنا أسلمت قال: نعم !!! ماذا قلتى ؟؟؟ قلت: قلت لك أسلمت، فتغيرت كل هذه الأشياء فى لمح البصر وانقلبت الصورة تماما من النقيض إلى النقيض، أخي وحبيبى وصديقى تحوّل إلى شخص آخر، فاقترب مني رويدا، ورأيت يديه ترتفع إلى السماء ويهوى بها على وجهى، يا أخى ماذا تفعل بى ؟ ماذا فعلت لك؟ ويا ليتها اقتصرت على هذه الضربة بل توالت الضربات بيديه ورجليه فى كل مكان فى جسدى، أو يا ليتها اقتصرت على الضربات، بل إنها وصلت لحد الشتائم والسب واللعن ونعتنى بأفظع الألفاظ منها أنى غير محترمة، وكان فى زمرة هذه الثورة يقول لي: علمت اليوم أن أهلك لم يحسنوا تربيتكِ، وأنا هنا خصيصا من أجل أن أعيد ترتيب الأوراق من أجل أن أعلمك من جديد أصول الأدب والتربية، قلت: لماذا يا أخي؟ لماذا ضربتنى يا آخى ؟؟ لماذا ضربتنى يا أخى ؟؟

تأخر أبي كثيرا فى الدخول علينا، ولكنه جاء ووقف إلى أخى، وبنظرة حادة تملؤها الغيظ والعصبية قال له: حذار أن تمسها بسوء مرة أخرى، حذار أن تمتد يدك إليها، أنها ابنتى أنا وأنا المسئول عنها ما دمت على قيد الحياة حينما أموت إفعل بها ما شئت، والآن تفضل إلى غرفتك. ما أرحمك بى يا أبى، نظر إلي أبى، وكان أخي قد انصرف، وجاءت أمى على صوت الصراخ، وقال لى: أنتِ حرة فى تصرفاتك يا ابنتي ولكن لا نريد فتنة فى هذه العائلة، ونظرت إلي أمي وقالت: قد خربت لنا البيت بغبائك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى