لماذا يحرقون القرآن
لماذا يحرقون القرآن
{ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1) قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5) }[سورة الكهف] ، والصلاة والسلام على من أنزل الله عليه القرآن ؛ { إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41)}[ سورة الزمر]. وبعد :
فحادثة إحراق القرآن الكريم – المؤذية لكل مسلم ومسلمة – التي حدثت في كنيسة في أمريكا، وفي غيرها ، وإطلاق الرصاص عليه في مشهد آخر من قبل ، و….و….. ما هي إلا صورٌ من صور الكفر بالقرآن الكريم ، وهو حرق حسي، وبقدر ما هو مؤذي للمسلمين فلا يصل إلى حجم أذى وأثر الحرق المعنوي للقرآن ؛ والذي من أصحابه أولئك { الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91) }[ سورة الحجر ]، أي: أصنافا وأعضاء وأجزاء، يصرفونه بحسب ما يهوونه، فمنهم من يقول: سحر، ومنهم من يقول: كهانة، ومنهم من يقول: مفترى، إلى غير ذلك من أقوال الكفرة المكذبين به، الذين جعلوا قدحهم فيه سبيلا لصد الناس عن الهدى ؛ والذين يحاولون بشبهاتهم حرق أركان يقين المؤمنين بكتاب ربهم، والذين يسعون بفلسفاتهم ومناهجهم وتشريعاتهم حرق معالم النور والهدى التي يضيء بها القرآن حياة البشر السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفردية …وسائر مناحي الحياة .
مثل هذا الحدث وغيره، وما سيحدث من عداء لهذا الدين وأهله ، ما هو إلا من البلاء والفتنة لهذه الأمة العظيمة ” أمة الإسلام ” ، { .. وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ..(4)}[ سورة محمد]؛ والسلامة والنجاة من البلاء نجدها في قوله تعالى : { لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186)} [ سورة آل عمران].
ولكن، لماذا يفعلون ذلك ؟! لماذا يحرقون القرآن ؟
سنجد الجواب الواضح البين في القرآن الكريم ..
وبالتحديد في بعض الآيات الكريمة التي تبين لنا حقيقة الأمر وأبعاده ، وهذه الآيات التي اخترتها وجمعت بعض أقوال المفسرين – رحمهم الله – فيها، ونسقتها ؛ ما هي إلا طرق للموضوع من جانب معين فقط ..نسلط الضوء عليه نصرة للقرآن ، وأداءً لواجب النصيحة ؛ لنحيا به في واقع حياتنا.. نجدد صلتنا بالقرآن الكريم، ونقوي علاقتنا به: إيماناً، وتلاوة، وتدبراً، وعملاً، واستشفاءً، وحفظاً، وتعلماً، وتعليماً، ونشراً له بين الناس.
والآن ..ننطلق إلى جواب القرآن على السؤال : (لماذا يعادون القرآن)
قال الله تعالى في سورة الإسراء:{ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82)}
هذه الآية الكريمة تُعطينا نموذجين لتلقِّي القرآن : إنْ تلقَّاه المؤمن كان له شفاء ورحمة ، وإنْ تلقّاه الظالم كان عليه خَسَار .
والقرآن حَدَّدَ الظالمين لِيُبَيِّن أن ظلمهم هو سبب عدم انتفاعهم بالقرآن؛ لأن القرآن خير في ذاته وليس خساراً . ولكنهم ابتدأوا السيئة؛ فعاقبهم الله بالسوءى، كما قال سبحانه: { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ }.
إذن: هذا القرآن شفاء ورحمة؛ فمن قابله بالظلم سيُعاقب بزيادة الخسارة.
وقد عالج القرآن مسألة التلقِّي هذه في قوله تعالى : { وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هذه إِيمَاناً فَأَمَّا الذين آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وَأَمَّا الذين فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إلى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ (125)} [ التوبة ] .
فالآية واحدة ، لكن حال المستقبل مختلف ؛ فالمؤمن يستقبلها بالعلم بها، وفهمها، واعتقادها، والعمل بها، والرغبة في فعل الخير، والانكفاف عن فعل الشر؛ فيزداد بها إيماناً ، والكافر يستقبلها بالاستخفاف ، والشك ، والتكذيب ، والإنكار، والإعراض ، والاستهزاء، والعناد ، والمحاربة ؛ فيزداد بها كفراً .
لذلك إذا نظرتَ إلى الحق ، فإياك أنْ تنظر وفي جوفك باطل تحرص عليه ، لا بُدَّ أن تُخرِج ما عندك من الباطل أولاً ، ثم قارن وفاضل بين الأمور .
وكذلك جاءت هذه المسألة في قول الله تعالى : { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حتى إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ العلم مَاذَا قَالَ آنِفاً أولئك الذين طَبَعَ الله على قُلُوبِهِمْ واتبعوا أَهْوَآءَهُمْ (16) والذين اهتدوا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ (17) }.
وقولهم : { مَاذَا قَالَ آنِفاً . .} دليل على عدم اهتمامهم بالقرآن ، وأنه شيء لا يُؤْبَهُ له .
وكذلك في قوله تعالى : { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أعْجَمِيّاً لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ءَاعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ والذين لاَ يُؤْمِنُونَ في آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى . . } .
من ذلك يتبين أن النفس المؤمنة يكون القرآن لها شفاء ورحمة ..
المؤمن.. يجد في آيات القرآن شفاء من ظلمة الشرك ؛ وذل الخضوع لغير الله تعالى ، وعذاب الحيرة؛ فهي تمنحه حقيقة التوحيد؛ فيطمئن بعبادة الله رباً لا أرباب معه؛ ويدين له وحده ؛ فلا يتبع إلا شرعه ونهجه ؛ فتحل له اللذة براحة الاستقامة والمعرفة واليقين ، وتحصل له السعادة بتجمع الطاقة، ووحدة الاتجاه ، ووضوح الطريق .
ومن ثم القرآن رحمة للمؤمنين .
المؤمن.. يجد في القرآن شفاء من الوسوسة والقلق والحيرة ؛ فهو يصل القلب بالله ؛ فيسكن ويطمئن ويستشعر الحماية والأمن، ويرضى فيستروح الرضى من الله، ويقنع في الحياة… والقلق مرض ، والحيرة نصب ، والوسوسة داء ..
ومن ثم القرآن رحمة للمؤمنين .
وفي القرآن شفاء .. من الهوى، والدنس، والطمع، والحسد، ونزغات الشيطان . . وهي من آفات القلب تصيبه بالمرض والضعف والتعب ، وتدفع به إلى التحطم والبلى والانهيار ..
ومن ثم القرآن رحمة للمؤمنين .
وفي القرآن شفاء .. من الاتجاهات المختلة في الشعور والتفكير . فهو يعصم العقل من الشطط ، ويطلق له الحرية في مجالاته المثمرة ، ويكفه عن إنفاق طاقته فيما لا يجدي ، ويأخذه بمنهج سليم مضبوط ، يجعل نشاطه منتجاً ومأموناً . ويعصمه من الزلل ..وكذلك هو في عالم الجسد ينفق طاقاته في اعتدال بلا كبت ولا شطط؛ فيحفظه سليماً معافى، ويدخر طاقاته للإنتاج المثمر ..
ومن ثم القرآن رحمة للمؤمنين .
وفي القرآن شفاء..من العلل الاجتماعية التي تخلخل بناء الجماعات ، وتذهب بسلامتها وأمنها وطمأنينتها . فتعيش الجماعة في ظل نظامه الاجتماعي وعدالته الشاملة في سلامة وأمن وطمأنينة ..
ومن ثم القرآن رحمة للمؤمنين .
{ ولا يزيد الظالمين إلا خسارا } . .
فهم لا ينتفعون بما فيه من شفاء ورحمة . وهم في غيظ وقهر من استعلاء المؤمنين به ، وهم في عنادهم وكبريائهم يشتطون في الظلم والفساد ، وهم في الدنيا مغلوبون من أهل هذا القرآن ؛ فهم خاسرون . وفي الآخرة معذبون بكفرهم به ولجاجهم في الطغيان ، فهم خاسرون : { ولا يزيد الظالمين إلا خسارا } . .
وصدق الله : { وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ } [ الأنعام : 26 ]
لقد أنزل الله تعالى القرآن ليهدي الناس للتي هي أقوم؛ يقول الله جل جلاله في سورة الإسراء :
{ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9)}.
هكذا { يهدي } على وجه الإطلاق فيمن يهديهم، وفيما يهديهم ؛ فيشمل الهدى أقواماً وأجيالاً بلا حدود من زمان أو مكان، ويشمل ما يهديهم إليه كل منهج وكل طريق ، وكل خير يهتدي إليه البشر في كل زمان ومكان .
فالمتتبع للمنهج القرآني يجده يُقدّم لنا الأقوم والأعدل والأوسط في كل شيء ؛ فإذا تدبرْتَ هذا المنهج لوجدته في أيِّ جانب من جوانب الحياة هو الأقوم والأنسب .
في العقائد ، في العبادات ، في الأخلاق الاجتماعية العامة ، في العادات والمعاملات ، إنه منهج ينتظم الحياة كلها ، كما قال الحق سبحانه : { مَّا فَرَّطْنَا فِي الكتاب مِن شَيْءٍ } [ الأنعام : 38 ]
هذا المنهج الإلهي هو أَقْوم المناهج وأصلحها؛ لأنه منهج الخالق سبحانه الذي يعلم مَنْ خلق ، ويعلم مَا يصلحهم ؛ فالصانع من البشر يعلم صَنْعته، ويضع لها من تعليمات التشغيل والصيانة ما يضمن لها سلامة الأداء وأمن الاستعمال.
فإذا ما استعملْتَ الآلة حَسبْ قانون صانعها أدَّتْ مهمتها بدقة ، وسلمت من الأعطال ؛ فالذي خلق الإنسان أعلم بقانون صيانته ، فيقول له : افعل كذا ولا تفعل كذا : { أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطيف الخبير } [ الملك : 14 ] ؛ فآفة الناس في الدنيا أنهم وهم صَنْعة الخالق الحكيم سبحانه يتركون قانونه ، ويأخذون قانون صيانتهم من أمثالهم ، وهي قوانين وضعية قاصرة لا تسمو بحال من الأحوال إلى قانون الله سبحانه ، بل لا وَجْهَ للمقارنة بينهما .
إن القرآن يهدي للتي هي أقوم في عالم الضمير والشعور ، بالعقيدة الواضحة البسيطة التي لا تعقيد فيها ولا غموض ، والتي تطلق الروح من أثقال الوهم والخرافة ، وتطلق الطاقات البشرية الصالحة للعمل والبناء ، وتربط بين نواميس الكون الطبيعية ونواميس الفطرة البشرية في تناسق واتساق .
ويهدي للتي هي أقوم في التنسيق بين ظاهر الإنسان وباطنه ، وبين مشاعره وسلوكه ، وبين عقيدته وعمله ، فإذا هي كلها مشدودة إلى العروة الوثقى التي لا تنفصم ، متطلعة إلى أعلى وهي مستقرة على الأرض ، وإذا العمل عبادة متى توجه الإنسان به إلى الله ، ولو كان هذا العمل متاعا واستمتاعاً بالحياة .
ويهدي للتي هي أقوم في عالم العبادة بالموازنة بين التكاليف والطاقة ، فلا تشق التكاليف على النفس حتى تمل وتيأس من الوفاء . ولا تسهل وتترخص حتى تشيع في النفس الرخاوة والاستهتار . ولا تتجاوز القصد والاعتدال وحدود الاحتمال .
ويهدي للتي هي أقوم في علاقات الناس بعضهم ببعض : أفراداً وأزواجاً ، وحكومات وشعوباً ، ودولاً وأجناساً ، ويقيم هذه العلاقات على الأسس الوطيدة الثابتة التي لا تتأثر بالرأي والهوى؛ ولا تميل مع المودة والشنآن؛ ولا تصرفها المصالح والأغراض . الأسس التي أقامها العليم الخبير لخلقه ، وهو أعلم بمن خلق ، وأعرف بما يصلح لهم في كل أرض وفي كل جيل ، فيهديهم للتي هي أقوم في نظام الحكم ونظام المال ونظام الاجتماع ونظام التعامل الدولي اللائق بعالم الإنسان .
ولما كان القرآن هو أساس الحياة الصحيحة في كل زمان ؛ تأسف النبي صلى الله عليه وسلم من هجران قومه له،
{ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (30)}[سورة الفرقان].
{ وَقَالَ الرَّسُولُ } مناديا لربه، وشاكيا له إعراض قومه عما جاء به، ومتأسفا على ذلك منهم: { يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي }، أضاف القوم إليه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه منهم يعرفونه ويعرفون أصْله ، وقد شهدوا له بالصدق والأمانة ومكارم الأخلاق قبل أن يُبعثَ ، وكان عندهم مؤتمناً على نفائس أموالهم؛ لذلك خاطبهم الله تعالى بقوله : { لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بالمؤمنين رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } [ التوبة : 128 ] .
، { اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا } أي: لقد هجروا القرآن الذي نزله الله على عبده لينذرهم ، ويبصرهم .
هجروه .. فلم يفتحوا له أسماعهم إذ كانوا يتقون ويحذرون أن يجتذبهم فلا يملكون لقلوبهم عنه رداً ..
وهجروه .. فلم يتدبروه ليدركوا الحق من خلاله ، ويجدوا الهدى على نوره ..
وهجروه .. فلم يجعلوه دستور حياتهم ، وقد جاء ليكون منهاج حياة يقودها إلى أقوم طريق .
هجروه .. مع أن العرب لو فهموا قوله تعالى : { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } [ الزخرف : 44 ] لمجّدوا القرآن وتمسَّكوا به ، فهو الذي عصمهم وعصم لغتهم ، وأعْلَى ذِكْرهم بين الأمم ، وفيه ذِكْرهم وشرفهم وعزتهم ، وفيه شهرتهم وصيتهم ؛ فالقرآن جعل العرب على كل لسان ، ولولاه لذابوا بين الأمم كما ذابتْ قبلهم أمم وحضارات لم يسمع عنها أحد .
{وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } عنه، هل قمتم به فارتفعتم وانتفعتم، أم لم تقوموا به فيكون حجة عليكم، وكفرا منكم بهذه النعمة؟
وختاماً..
تأمل قول الله تعالى في سورة آل عمران :
{ وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (69) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71) وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (74) }.
- إعداد : متعب عمر الحارثي .
www.islam-love.com