شبهة حول الربا
شبهة حول الربا
يزعم النصارى بأن تحريم الإسلام للربا يعوق النمو الإقتصادي ويعزل المؤسسات المالية الإسلامية
ويرد الشيخ محمد الغزالي رحمه الله عن هذه الشبهة في كتابه هموم داعية قائلا
أما قضية الربا فإن الكلام فيها يشبه ما سبق، هل الربا حلال في التوراة والإنجيل؟ كلا، إن الإسلام لم يبتدع تحريم الربا، وإنما جدد الحرمة النازلة في الوحي القديم! واليهود والنصارى يعلمون أن الربا مستقبح، ولكن اليهود استبقوا قباحته فيما يدور بينهم من معاملات، وأطلقوا العنان لأنفسهم في أكل أموال الناس بالباطل.
وقد انساق النصارى في هذا الانحراف، فاستباحوا الربا بعدما كان بينهم محظورًا، ثم زال كل استنكار له على مرِّ الأيام وأصبح اليوم من أركان الاقتصاد العالمي، واختفى تمام الاختفاء معنى الإثم فيه..!
عندما ساعدت دول أوربا “”بولندا” وأمدتها بقروض ضخمة، ظننت أن ذلك تراحم أملاه الإخاء المسيحي، فإن في بولندا جمهورًا يتشبث بدينه ويلتف حول كنيسته، وينحرف عن الشيوعية الحاكمة.
ولا ننسى أن باباالفاتيكان ( السابق ) بولندي الموطن!
ويظهر أني كنت مخطئًا، فإن الغرب كان يتعامل بالربا مع الشعب المحتاج إلى العون..وأي ربا؟
يقول السيد محمود سيف الدين في مجلة “الاقتصاد الإسلامي”: “إن بولندا تقترب من كارثة مروعة بعدما عجزت عن تسديد (500 مليون دولار أمريكي) قيمة الفوائد المستحقة عن ديونها لعام 1981 وحده. واضطرت إلى اقتراض 350 مليون دولار أمريكي لتستطيع أداء الفوائد المطلوبة عن هذا العام التعيس..!”
وقد صرّح أحد المصرفيين الإنكليزيين الدائنين بأنه يفضل احتلال الروس لبولندا ليقوم الضامنون الروس بدفع الفوائد المستحقة!.
والمعنى واضح في هذا الكلام، المال أهم من الدين، ومن حرية الشعب البولندي، والغريب أن أحدًا من الكاثوليك لم يحاول تذكير رجال السياسة والاقتصاد الغربيين بأن الربا حرام!، فإن هذه الحرمة قد تلاشت من الأذهان تلاشيًا تامًا!، ورجال الكنيسة مشغولون بمحو الإسلام في أفريقية وآسيا، ولا وقت لديهم للتفكير في حلال أو حرام.
* إن المسلمين كانوا ومازالوا يرون الربا من أخبث المعاصي، والضمير الديني عندنا –برغم ما أصاب الإسلام من هزائم- باق على رفضه للربا، قل أو كثر..
لكن الوقف السلبي في عالم متحرك لا يجدي فتيلا، وسيقع الناس في الحرام إن لم نيسر لهم الحلال، وندفعهم في طريقه دفعًا..
وقد كان حقا على المسلمين أن يقدموا المعاملات البديلة عن الربويات، ويقيموا لها مؤسسات شامخة. وأيًا كان الأمر، فقد استفاقوا متأخرين، وبدأت مصارف إسلامية تعمل عملها هنا وهناك.
وبعض الناس يتصور أن التجربة سوف تولد عملاقة، وهذا خطأ، فبين النظرية والتطبيق مسافة لا يطويها إلا الزمن.
وبعض آخر يريد الارتباط بكل قول ورد، وهذا أيضًا خطأ، فإن الإسلام في ميدان العبادات منشئ مبدع –كما قال ابن القيم- أما في ميدان المعاملات فهو مصلح لا مخترع وحسبه أن يقي الناس رذائل الغبن والتغرير والاستغلال الرديء.
وعندما تنجح مشروعاتنا في ضمان الربح الحلال، وتنقية المكاسب من الربا، فسوف نغير الاقتصاد العالمي كله، ومن ثم فإني أناشد المتربصين والناقمين لأمور صغيرة أن يتقوا الله في هذه المصارف الإسلامية الناشئة، وأن يدعموها حتى تنجح وتؤتي ثمارها..
الشيخ محمد الغزالي