في بداية شبابه كان يكره الإسلام، بل كان يرغب في الانتماء الى حزب قومي متطرّف حتى ينال من المسلمين.. في دراسته الجامعية التقى مسلمين آسيويين غير عرب.. سلوكهم القويم أجبره على تغيير رأيه في الإسلام فدرسه بعمق بدافع الفضول.. وجد نفسه وقد أصبح فرنسيًّا محظوظًا هداه الله للإسلام.. وحتى نصبح نحن محظوظين بمعرفة قصة إسلامه دعونا نقرأ ما قاله لنا عنها:
عندما كنت في السابعة عشرة من عمري فكرت بالانضمام إلى “الجبهة الوطنية” باعتبارها حزبًا قوميًّا متطرّفًا.. قد تتساءلون لماذا؟! حسنًا سأخبركم بذلك.. الحقيقة أسباب عديدة دفعتني إلى اتخاذ ذلك القرار وفي مقدمتها سببان:
يتمثل السبب الأول في عملية “غسل الدماغ” التي تعرضت لها من قبل عائلتي وأصدقائي؛ فقد كان لكلٍّ منهم خلفية عنصرية وقومية. أما السبب الثاني فيتمثل في مروري بتجربة شخصية قاسية، تعرضت خلالها للضرب الجسدي مرتين من قبل جزائريين مسلمين.
عندما بلغت الثامنة عشرة من عمري غادرت فرنسا للدراسة في المملكة المتحدة، وأنا مشبَّع بكراهيتي للإسلام! قد يتساءل أحدكم إذًا لمَ وكيف اكتشفت الإسلام الذي كنت تكرهه؟!
في الحقيقة ما أن وصلت إلى المملكة المتحدة حتى جمعتني المصادفة بآسيويين (معظمهم من ماليزيا وإندونيسيا) ارتبطت معهم بصداقات مميزة وعميقة.. في البدء لم أكن أعرف أنهم مسلمون لأن الإسلام بالنسبة إليّ ارتبط فقط بالعرب لا غير.. لقد وجدتهم يطبقون الإسلام بصورته المثلى. من خلال أصدقائي الجدد توصلت إلى حقيقة مفادها أن الإسلام يختلف تمامًا عمّا كنت أعرفه عنه منذ نعومة أظفاري.. نعم تبيَّن لي أن الإسلام دين تسامح، وصدق وإخلاص.. كما اكتشفت أن المسلمين يهتمون ببعضهم بعضًا، وإن هزَّ مشاعري بقوة ذلك الإيمان العميق الذي لاحظته في نفوسهم.
ما تعلمته من أصدقائي الجدد كان فقط عن طريق “الملاحظة الذكية”؛ إذ حتى لم يعرفوا أنني كنت أراقبهم عن كثب.. في بادئ الأمر كنت حريصًا على أن أخفي عنهم فضولي للتعرّف إلى الإسلام.. لكن ما أن اكتشفت أن سلوكهم يخالف تمامًا فكرتي عن الإسلام، حتى تحولت كراهيتي الشديدة للإسلام إلى حب اطلاع يفوق الوصف.. في المقابل تأكدت من أن الأفعال أفصح حجة وأقوى تأثيرًا من الكلمات.
لقد تعلمت من أولئك المسلمين الآسيويين كيف هو سلوك المسلم الحقيقي.. ولم يمر عام عليَّ وسطهم حتى رغبت بشدة في تعلم المزيد عن الإسلام الذي بدا لي أروع ما في الوجود.
حينذاك بدأت سرًّا رحلة البحث عن نسخة من القرآن.. أصابتني الرهبة بالعجز من أن أطلبها من أقرب مسجد، كما أصابني الخوف من أن يطلع أيّ من أصدقائي على رغبتي في معرفة المزيد عن الإسلام.. ربما كان ذلك خشية أن يضغط عليَّ أحد، وربما لسبب لم أكن أدري ما هو.
وفي يوم لن أنساه ما حييت مررت بمعرض إسلامي.. حظيت حينذاك بفرصة الحصول على نسخة من ترجمة معاني القرآن من مسلمين لا يعرفونني! ما أن حصلت على النسخة العزيزة إلى نفسي حتى عدت إلى منزلي وشرعت في قراءة ما تتضمنه من سور كريمة وآيات طيبة.. حينها فقط استطعت أن أعرف ما هي حقيقة الإسلام دون أن يدفعني أحد إلى ذلك.
لم تمر أيام منذ حصولي على جائزتي الثمينة حتى بدأ شهر رمضان فقررت أن أصوم، وأن أفعل كل ما يفعله المسلمون.. في الوقت ذاته تابعت قراءة القرآن بصورة يومية، فشرح الله صدري للإسلام.
في ليلة النصف من رمضان، توصلت إلى روعة الإسلام، وجمال تعاليمه فضلًا عن وضوح تلك التعاليم وبساطته ومنطقيته. وما أثار دهشتي تمامًا حقيقة أنني ما عدت أخشى أن أصبح مسلمًا إذ رغبت في ذلك من داخل قلبي.
وفي 30 آذار 1997 نطقت الشهادة وحدي في غرفتي.. وحتى ذلك الوقت لم أكن أعرف جيّدًا كيفية الصلاة، إذ كنت أعرف حركاتها ولكنني أجهل تلاوة سور القرآن، ومع ذلك بدأت أصلي فرائضي الخمس بأفضل ما أستطيع.. لاحقًا نطقت الشهادة بصورة رسمية داخل المسجد، وأنا اليوم أفخر وأعتز بأنني مسلم، والله أكبر على كل متجبر لا يؤمن بيوم الحساب.
وهكذا تحول بطل قصتنا الفرنسي عبدالحكيم من رجل متطرف شديد الكراهية للإسلام إلى مسلم متسامح يحب الإسلام من داخل قلبه ويحب المسلمين أكثر من حبه لأشقائه!
فهم أشقاؤه حقًّا.. وأكثر.. فأخوة الإسلام رباط إيماني مقدس غير قابل للانفصام..
وأنتم.. متى تدخلون في عائلة الإسلام؟! متى تدركون صلة رحم الإيمان؟!
لا تعتزلوا إخوانكم.. لا تشردوا عن ركب الحق والهدى..
الإسلام هو دين الله الذي يرتضيه الله لعباده المكرمين.. ولا يرتضي غيره..
أسلموا.. أعلنوها لأنفسكم قبل الناس.. انطقوا الشهادتين بقلوبكم وألسنتكم..
اسألوا الله الهداية.. فبالله نهتدي إلى الله.
————————————
المصادر:
اللولو، هالة صلاح الدين (2005)؛ كيف أسلمت؟ دمشق: دار الفكر.
مقال بعنوان: “مبشرات في زمن الوهن”؛ استرجع بتاريخ 11 أغسطس 2017، من موقع طريق الإسلام
- نقلا عن موقع طريق القرآن