نساء أسلمن

قصة إسلام الأخت “حياة كولينز” “من التثليث إلى التوحيد”

الأخت (حياة آن كولينز أوسمان) إحدى المسلمات الأمريكيَّات اللاتي منَّ الله – تعالى – عليهنَّ بالإسلام، وأخرجهُنَّ من ظلمات الشرك والتثليث إلى نور الإسلام والتوحيد، تحكي لنا قصة إسلامها، فتقول:
“نشأت في أسرة نصرانيَّة متديِّنة، ففي ذلك الوقت، كان الأمريكيُّون أكثر تديُّنًا من الوقت الحالي، فعلى سبيل المثال كان كثير من العائلات تذهب إلى الكنائس كل يوم أحد.

وقد كان والداي مشاركينِ في نشاطات الكنيسة، وكان يتردد علينا القسُّ بالمنزل، وكانت أمي تدرس بمدارس الأحد، وكنت أساعدها.

وكان من المفترض أن أكون أكثر تديُّنًا من الطلاب الآخرين، ولكنني لا أعتقد أنني كنت هكذا.

في أحد الاحتفالات بعيد ميلادي أهدت إليَّ خالتي نسخةً من الكتاب المقدَّس، وأهدت إلي أختي دميةً لألعب بها، إلا أنني أتذكَّر أنني طلبت من والدي كتاب أدعية، وكنت أقرأ فيه كل يوم لأعوام طويلة.

وعندما كنت في مرحلة التعليم الوسطى، شاركت في برنامج لدراسة الكتاب المقدَّس لمدة عامين، وفي هذه المرحلة كنت أسمع الكثير من فقرات الكتاب المقدَّس، وكنت لا أفهمها، حتى إنني درست فقرات من العهد القديم والعهد الجديد، وكانت غير واضحة، إن لم تكن غريبةً بالفعل.

فعلى سبيل المثال كان الكتاب المقدَّس يتحدث عن الخطيئة الأولى؛ بمعنى أن جميع البشر قد ولدوا مذنبين جرَّاء هذا الخطيئة، وكان عندي أخ طفل صغير، وكنت أعلم أن الأطفال ليسوا مذنبين.

هذا بالإضافة إلى أن الكتاب المقدس يحتوي على قصص غريبة ومزعجة عن الأنبياء، مثل إبراهيم وداود – عليهما السلام – فكنت لا أستطيع أن أفهم كيف يمكن للأنبياء أن يتصرفوا بهذه الصورة التي يتكلَّم بها عنهم الكتاب المقدس.

كان هناك الكثير الكثير من الأشياء التي تقلقني بشأن الكتاب المقدَّس، ولكن لم أكن لأسأل أيَّ سؤالٍ، وكنت أخشى السؤال، وأودُّ أن يعرف الجميع أني فتاة طيبة، الحمد لله؛ فقد كان هناك أحد الأولاد الذي سأل وظل يسأل.

إن أكثر النقاط إشكالاً هي مسألة التثليث، فلم أستطع فهمها، فكيف يمكن أن يكون الإله ثلاثة أجزاء، أحدها جزء بشري؟!

وبعد أن درست الأساطير اليونانيَّة والرومانيَّة بالمدرسة، ظننت أن فكرة التثليث والقديسين أصحاب الخوارق، تتشابه إلى حدٍّ كبير مع تلك الأساطير التي تُخْبِر عن تعدُّد الآلهة، التي كان لكل منها عمل معيَّن في الكون، أستغفر الله.

إن الغلام الذي كان يسأل بكثرة، سأل عن التثليث وتلقَّى العديد من الإجابات، ولكنها لم تقنعه ولم تقنعني أيضًا، وفي نهاية الأمر طلب منه أستاذ علم اللاهوت بجامعة (ميتشيجن) أن يدعو من أجل الإيمان، ففعل وكذلك فعلت أنا أيضًا.

وعندما كنت في المرحلة الثانوية وددت – بيني وبين نفسي – أن أصبح راهبةً، كنت أشعر بالانجذاب إلى الصلاة وقت الغروب، وأن أكرِّس حياتي لله، وأن أرتدي ملابس تنمُّ عن نمط حياتي الدينيَّة، إلا أن السبب في عدم تحقق هذا الطموح هو أنني لم أكن كاثوليكيَّة.

فقد كنت أعيش في قرية (ميدوسترن)، حيث يعتبر الكاثوليك أقليَّة غير مشهورة، وكذلك فإن نشأتي البروتوستانتيَّة قد غرست في كراهية التماثيل الدينية، وعدم الإيمان بأن الأموات من القديسين يمكنهم مساعدتي.

وفي أثناء الدراسة الجامعية واصلت التفكير والدعاء، وكان الطلاب يتكلَّمون عن الاعتقاد، وسمعت العديد من الأفكار المختلفة حوله، ودرست المعتقدات الشرقيَّة، كالبوذيَّة والكنفوشيوسيَّة والهندوسيَّة، ولم أجد في ذلك بغيتي.

إلى أن تقابلت مع أحد مسلمي ليبيا، والذي أخبرني قليلاً عن الإسلام، والقرآن الكريم، وأخبرني أن الإسلام آخر الرسالات الموحاة، ولكن بسبب نظرتي إلى البلدان الإفريقيَّة، وبلدان الشرق الأوسط على أنها دول متخلفة، لم أقنع بأن الإسلام آخر الرسالات الإلهيَّة.

وقد قامت أسرتي بدعوة هذا الأخ المسلم الليبي إلى حضور إحدى القداسات بالكنيسة، وبعد موافقته قام بشن حملة من الأسئلة فقال: “من أين لكم بهذه المراسم؟ من الذي علَّمكم متى تقفون؟ ومتى تنحنون؟ ومتى تجثون على الركب؟ من أين تعلَّمتم هذه الصلاة؟ فأخبرته عن تاريخ الكنيسة، إلا أن هذه الأسئلة قد أثارت غضبي في أول الأمر، ثم دفعتني عقب ذلك للتفكير.

وبدأت أتساءل: هل الذين شرعوا هذا المراسم التعبدية بالفعل مؤهلون لفعل هذا؟ وكيف عرفوا ترتيبات هذه التعبدات؟ هل لديهم تعليمات إلهيَّة؟

قد أعلم أنني لا أؤمن بكثير من التعاليم النصرانيَّة، ومع ذلك كنت أواصل الذهاب إلى الكنيسة، كنت أشعر بالكفر بعقيدة مجمع نيقيَّة، وكنت لا أقرؤها، وشعرت بالانعزاليَّة عن الكنيسة، بل شعرت أنني غريبةٌ عنها.

هذا إلى أن حدثت واقعةٌ كانت بمثابة صدمة كُبْرى بالنسبة لي، فقد تعرَّضت إحدى المقربات إلىّ لحادث اغتصابٍ، عندما ذهبت إلى أحد قساوسة الكنيسة؛ لتشكو له بعض مشاكلها الزوجية طلبًا للنصيحة.

ومنذ هذه اللحظة بدأت أفهم الدور الخطير الذي يلعبه رجال الكهنوت في العقيدة النصرانيَّة، فكثير من النصارى يعتقد أن المغفرة تأتي من خلال المشاركة في مراسم العشاء الربَّاني، وأنه لا بد من أن يكون هناك قس ليقيم المراسم، فإذا عُدم القسُّ، فلا خلاص.

ذهبت إلى الكنيسة بعد ذلك، وبدأت أنظر إلى القس، فلم يكن أفضل من غيره، بل بعض القساوسة كانوا أسوأ، وبدأت أتساءل: ما مدى مصداقية أن تكون واسطة أيِّ إنسانٍ ضرورية للتواصل مع الإله؟ فلماذا لا أتعامل مع الله – تعالى – مباشرةً وأحصل على مغفرته مباشرةً؟

بعد هذه اللحظات وجدت بعض الترجمات لمفردات القرآن بأحد متاجر الكتب، فاشتريته وبدأت أقرأ فيه لعدة مرات على مدار ثماني سنوات بجانب دراسة المعتقدات.

بدأت أدرك خطورة الذنوب التي ارتكبتها وبدأت أخشى عواقبها، فكيف لي أن أعرف إلهي الذي يغفرها لي؟ فلم أعد أؤمن بأن طريقة النصرانيَّة في تحصيل المغفرة من الممكن أن تفيد.

فقد أثقلت ذنوبي كواهلي ولا أعلم كيف التخلص من عواقبها، فقد اشتقت كثيرًا للمغفرة.

وكنت أجد في القرآن أن الله – تعالى – يقول: ﴿ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ * وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ ﴾ [المائدة: 82 – 84]، فتمنيت حينئذ أن يجيب الإسلام عن أسئلتي، ولكن كيف لي التأكُّد من ذلك؟

رأيت صلاة المسلمين بالنشرات الإخبارية، وعلمت أن لهم طريقةً خاصةً في أداء الصلاة، وحصلت على كتاب ألَّفَه أحدُ غير المسلمين، يشرح فيه كيفية أداء صلاة المسلمين، فبدأت أصلي مثلهم، لم أكن أعلم شيئًا حينئذ عن الطهارة، وكنت أصلي بصورة غير صحيحة، ولكن بدأت في ذلك الوقت أصلي بهذه الطريقة بمفردي في السر لعدة أعوام.

ثم بعد ثمانية أعوام من شرائي نسخةً مترجمة للقرآن قرأت قوله – تعالى -: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، فبكيت من شدة الفرحة؛ لأنني علمت أن الله – تعالى – قد كتب هذه الآية من أجل أمثالي قبل أن يخلق السموات والأرض، فالله – تعالى – قد علم أن (آن كولينز) التي تقيم بـ(شيكتوواج) بولاية (نيويورك) الأمريكيَّة ستقرأ هذه الآية في مايو 1986.

والآن علمت أن هناك كثيرًا من الأشياء كان يجب أن أتعلمها، ولم أكن أعلم كيف لي أن أجدها، عثرت على رقم الهاتف الخاص بالمركز الإسلامي من خلال دليل الهاتف، واتصلت وعندما أجابني أحدهم، تلعثمت ولم أدر ما أقول، وكيف سيجيبونني؟ وهل ستراوده الشكوك بشأني؟ ولماذا؟ قد يرغبون في التعرُّف على أمثالي، وعندهم علاقتهم ببعضهم وبالإسلام؟

وفي خلال الشهرين التاليين لذلك الوقت اتصلت مرارًا بالمسجد، وكل مرة ألْتزم الصمت، ولا أدري ما أقول؟ إلى أن قمت بعمل أقل جراءةً، فكتبت رسالةً أطلب فيها معلومات عن الإسلام، فوجدت أخًا طيبًا رفيقًا يتصل بي من المسجد، وبدأ يرسل لي مطويَّات عن الإسلام، وعندما أخبرته أنني أرغب في الإسلام، قال لي: انتظري حتى تتأكَّدي، قد أحزنتني كثيرًا مطالبته إياي بالانتظار، ثم أدركت أنه كان مصيبًا؛ لأنني متى ما أعتنق الإسلام، فإن كل الأمور لن تصبح على ما كانت عليه.

غلب علي الانشغال بالإسلام، فكنت أفكر فيه ليلاً ونهارًا، وكنت أذهب إلى المسجد، وأطوف حوله رغبةً في رؤية أحد المسلمين متسائلة عن كيف يبدو المسجد من الداخل؟

وأخيرًا في أوائل نوفمبر 1986 بينما كنت أعمل بالمطبخ أدركت أنني مسلمة، ولم أعد أجبن عن الاعتراف بذلك، فأرسلت إلى المسجد رسالةً كتبت فيها:
إنني أؤمن بالله الواحد الحق، وأؤمن أن محمدًا رسول الله، وأودُّ أن أكون من بين أصحاب الشهادتين.

فاتصل بي الأخ في اليوم التالي، وتلفظت له بالشهادتين في الهاتف، فأخبرني حينئذ أن الله – تعالى – قد غفر لي جميع ذنوبي منذ تلك اللحظة، وأنني أصبحت كيوم ولدتني أمي.

شعرت حينئذ أن جبل الذنوب قد أُزيل عن عاتقي، وبكيت من شدة الفرحة، ونمت قليلاً ليلة ذلك اليوم، وكنت أبكي مرددةً اسم الله، فالمغفرة قد تحققت والحمد لله”.

المصدر : شبكة الألوكة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى