الإعجاز العلمي في القرآن

محاضرة رائعة للمفكر الكندي المسلم جاري ميلر (1-2)

مقدمة إيمانية

د. جاري ميلر

د. جاري ميلر (تسمى بعد إسلامه بـ عبد الأحد عمر)، يرينا هنا كيف أنه يمكن تأسيس الإيمان عن طريق بناء معايير للحقيقة.

وهو متخصص في المنطق الرياضي والأديان، كان نشطا في مجال التبشير، ولكنه اكتشف خللا واضحا في الكتاب المقدس، وفي عام 1978 قرأ القرآن متوقعا نفس النوعية من الأخطاء والحقائق، ثم درس اللغة العربية لكي يستطيع فهم القرآن، وأخيرا اعتنق الإسلام. وصار يلقي محاضرات ويكتب مقالات ويؤلف كتبا حول الإسلام.

عمل عضو هيئة تدريس في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في المملكة العربية  السعودية لعدة سنوات بعد إسلامه.

معضلة تطبيق المنطق العقلي

لقد واجه الكثير منا أسئلة يرددها الأطفال مرارا، فالطفل يثير فينا مشاعر الإحباط عندما يكرر كلمة “لماذا؟” مثلا. فإذا ما قمت بإبعاد السكين عن متناوله فإنه يسألك: “لماذا تبعدها؟”، فتخبره بأنها أداة حادة، فيسألك مرة أخرى: “لماذا هي حادة؟”، فتخبره مرة أخرى أنها حادة لكي تقطع بها الفاكهة، فيسألك: “ولماذا تقطع الفاكهة؟”.. وهكذا تستمر الأسئلة. وهذا في الحقيقة يصور معضلة تطبيق المنطق العقلي.

إن ما يجب فعله عندما نريد استخدام المنطق العقلي هو أن نعمد أولا إلى وضع ضوابط للبراهين التي سنقبلها. فعلينا أولا أن نقرر لأنفسنا القدر الذي يكفينا من الضوابط لنصل إلى نتيجة نعتبرها برهانا نهائيا. هذا ما يجب علينا تحديده أولا. لكن ما يحدث فعلا بالنسبة للقضايا والمواضيع الفلسفية ذات الأهمية الحقيقية هو أن المفكرين يضعون معايير محددة للبراهين ثم يدرسون تلك المواضيع، وفي النهاية يصلون إلى النتيجة عبر الضوابط التي وضعوها. فهم قد يصلون إلى النقطة التي قالوا أنها تمثل برهانا، لكنهم بعد ذلك يطلبون برهانا آخر لإثبات ذلك البرهان.

وضع الضوابط

لتجنب حالة عدم القبول المستمرة للبراهين علينا أن نقبل ضوابط محددة أولا؛ علينا أن نقبل منهجية محددة توصلنا إلى البرهان المقبول بدقة، ثم نبدأ بعد ذلك باختبار ودراسة الموضوع الذي نريد بحثه. وسأطبق هذه الطريقة على القرآن تحديدا.

يمكنك أن تسأل مفكرا نصرانيا عن سبب كونه نصرانيا، وستجد جوابه عادة: “معجزة القيامة من الأموات”. إن أساس اعتقاده في العادة هو أنه حدث قبل حوالي ألفي عام أن مات رجل ثم بعث من الموت. هذه هي المعجزة والمحك الذي تقوم عليه عقيدته، لأن كل ما عدا ذلك يعتمد على هذه المعجزة.

لكن لو سألت مسلما: “ماهي معجزتك؟ ولماذا أنت مسلم؟” فإنه سيمد يده إلى رف المكتبة وسيتناول معجزته من هناك ويمدها إليك، فمعجزته لا تزال معنا اليوم، إنها القرآن.. إنها المحك الذي يقوم عليه إيمانه.

الآية الإلهية

لقد كان لجميع الرسل معجزاتهم؛ فموسى مثلا دخل في تحد بينه وبين السحرة وفرعون، والمسيح شفى المرضى وأحيا الموتى بإذن الله، وهكذا.. ولم يكن آخر الرسل صلى الله عليه وسلم استثناء من ذلك، فالمسلمون يؤمنون بأن معجزته هي القرآن، ولكنها معجزة لا تزال معنا إلى اليوم.

ألا يبدو ذلك منصفا؟ فإذا كانت النبوة والرسالة ستنتهي، فإن آخر الأنبياء والمرسلين يجب أن يأتي بمعجزة باقية، وإذا كان المسلم قبل ألف وأربعمائة عام يستطيع الوصول إلى المعجزة الإلهية فإن المسلم اليوم يجدها أيضا بين يديه دون نقص؛ فأولئك المسلمون الذين عاشوا بصحبة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت لهم القدرة على الوصول إلى مصدر تلك المعلومات الإلهية بنفس القدر الذي لدى المسلمين اليوم. كان لديهم القرآن الذي يعتبرونه آية ومعجزة لهم، وهو لا يزال آية ومعجزة لنا اليوم، نفس المعجزة..

حسنا، إذن فلنتأمل القرآن..

لنفترض أنني قلت لرجل ما: “إنني أعرف أباك.” ستكون الاستجابة المحتملة لذلك الرجل هي أن يتحقق من الأمر ليتأكد أنني ربما قابلت أباه. فإذا لم يقتنع فسيستمر بطرح الأسئلة، كأن يقول مثلا: “أنت تقول أنك تعرف أبي، حسنا.. هل كان طويلا؟ وهل كان أجعد الشعر؟ وهل كان يرتدي النظارات؟” وهكذا.. فإن كنت أرد على أسئلته بإجابات صحيحة، فإنه سيقتنع حتما بصحة كلامي، ويتحقق أنني صادق عندما ادعيت معرفتي بأبيه.

نظرية الانفجار العظيم

إن القرآن كتاب يدعي أن مؤلفه كان حاضرا في بداية نشوء الكون وبداية الحياة. ولهذا فلنا الحق أن نسأل ذلك المؤلف ونقول: “حسنا.. أخبرنا عن شيء يثبت لنا أنك كنت موجودا عند نشوء الكون وبداية الحياة.”

وهنا يعطينا القرآن بيانا شيقا لذلك الحدث الكبير، فيقول:

أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ”  الأنبياء: 30

إن في هذه الآية ثلاث نقاط مهمة: الأولى، أن غير المسلمين هم الذين سيكتشفون أن السماوات والأرض كانتا جسما واحدا ثم انفصلتا، وهم الذين سيجدون أيضا أن وجود الحياة يعتمد على وجود الماء..

وكما هو حاصل فإن النظرية المقبولة عالميا لأصل نشوء الكون هي نظرية الانفجار العظيم (Big Bang Theory). فهي تقول إنه في الماضي البعيد كانت كل الأجرام السماوية والأرض قطعة مادية واحدة تسمى “الكتلة الموحدة” (monoblock)، وهذه الكتلة الموحدة انفجرت واستمرت في التوسع، فأعطتنا هذا الكون الذي نعيش فيه اليوم. وهذه النظرية تعد اكتشافا حديثا تم التأكد من صحته، وقد منحت جائزة نوبل قبل سنوات لأولئك الذين أثبتوا أن بداية الكون هي الانفجار العظيم.

أما بالنسبة لضرورة وجود الماء للحياة فلم يتم اكتشافه إلا قبل حوالي مائتي سنة حين اخترع العالم ليفنهوك (Leeuwenhoek) وآخرون الميكروسكوب واكتشفوا لأول مرة أن الماء يمثل حوالي ثمانين بالمائة من حجم الخلايا الحية.

لم يكن هؤلاء الفائزون بجائزة نوبل وذلك العالم الهولندي الذي اخترع الميكروسكوب مسلمين، ورغم ذلك فإنهم أكدوا تلك المعلومة القرآنية التي قالت إن الكون كان قطعة مادية واحدة وإن الماء هو أصل الحياة، بالضبط كما قالت الآية التي ذكرناها.

حسنا.. إن تلك الآية تبدو إجابة مقبولة للسؤال الذي طرحناه على مؤلف القرآن حين قلنا “أخبرنا شيئا عن نشوء الكون ونشوء الحياة”..

اتخاذ الموقف

كل منا يجب أن يتخذ موقفا، فلابد أن تضع قدميك في مكان ما.. ومن المستحيل أن تكون محايدا كل الوقت.

إن من الواجب أن توجد نقطة مرجعية في حياة كل فرد مفكر منا، وأن يقف في مكان محدد، ولكن الأمر الهام بالطبع هو أن تضع قدميك في المكان المناسب.

ولإنه لا يوجد ما يمكن اعتباره برهانا لإثبات برهان لإثبات برهان.. الخ، حتى يجد أحدنا أخيرا المكان المناسب ليضع قدميه عليه ويتخذ له موقفا، فإن علينا أن نبحث عن المكان المناسب لذلك، وسيكون البحث باستخدام منهجية أحاول أن أوضحها هنا.

إن الأمر يتعلق بإيجاد نقطة التقاء، فإذا كنا نبحث عن الحقيقة في أماكن متعددة فإن نجاحنا في اكتشاف الحقيقة سوف يتحقق عندما تنتهي بنا كل الطرق المختلفة إلى النقطة نفسها.

فإذا كنا نتفحص كتابا لنبحث عن دليل على مصدره الإلهي، ثم نجد أنفسنا نتجه إلى الإسلام، فهذا طريق واحد. أما إذا كنا نتفحص في نفس الوقت ما قاله الأنبياء ثم نجد مرة أخرى أننا نتجه إلى الإسلام، فهذا طريق ثان، ولهذا فإننا نجد أنفسنا أخيرا على أرضية صلبة للإيمان، فقد بدأنا بالبحث عن الحقيقة في مكانين مختلفين ووجدنا أنفسنا متجهين إلى نفس النقطة.

لا أحد على الإطلاق بإمكانه إثبات كل شيء.. علينا أن نقف عند نقطة معينة ولدينا شعور بالاكتفاء بمعاييرنا كما أشرت سابقا. لكن المهم هو أننا لكي نتأكد أن موقفنا هو الموقف الصحيح علينا أن نتفحص كل الأدلة من حولنا ونرى إلى أين تتجه بنا ونتطلع إلى نقطة الالتقاء تلك، بحيث تشير كل الأشياء إلى تلك النقطة. ثم نذهب إلى تلك النقطة وننظر في كل المعطيات التي حولنا لنتأكد أنها ثابتة فعلا، وأننا بالتالي نقف في المكان المناسب.

الكون المتمدد

لنقم بالمزيد من التأمل في القرآن الكريم..

يقول القرآن:

وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ” سورة الذاريات 47

لقد ذكرت سابقا نظرية الانفجار العظيم، وهذا الأمر يتعلق بنشوء الكون من ذلك الانفجار العظيم. وفي عام 1973 منحت جائزة نوبل لثلاثة علماء أكدوا أن الكون يتسع بصورة مستمرة.

إن تعليقات المسلمين في تفسير آيات القرآن عبر القرون حول هذه الآية لطيفة للغاية.. فأحكمهم قال أن تلك الكلمات تتحدث عن توسع السماوات. لكنهم على كل حال لم يتخيلوا كيف يتم ذلك، وإنما كان تعليقهم على الكيفية غالبا هو “الله أعلم”.

مدينة إرم

يذكر القرآن مدينة إرم بالاسم، لكنها مدينة غير معروفة تاريخيا.. وهي غير معروفة لدرجة أن بعض المسلمين المجتهدين قالوا إن تلك الآية ربما كانت تتحدث عن رمز بأسلوب الاستعارة الأدبية.

ولكن في عام 1973 وفي أعمال الحفر والتنقيب عن الآثار في المدينة الأثرية “إبلس” (Eblus) في سوريا، وجدت أكبر مجموعة تم اكتشافها من الكتابات الأثرية المكتوبة بالخط المسماري على ألواح طينية. وقد احتوت تلك المكتبة على ألواح تعود إلى أربعة آلاف سنة يفوق عددها جميع الألواح المشابهة المكتشفة في أماكن أخرى.

ويمكنك أن تطلع على التفاصيل في عدد ديسمبر 1978 من مجلة ناشيونال جيوجرافيك (National Geographic)، الصفحات 730-736، ولكن المثير حقا هو أن مدينة إرم ذكرت بالاسم في تلك الألواح. وتقول الألواح أن سكان “إبلس” القديمة كانوا يتبادلون التجارة مع سكان “إرم”. المقصود هو أننا نكتشف في عام 1973 دليلا تاريخيا على وجود مدينة حقيقية قديمة بهذا الاسم. لكن السؤال الذي يجب أن نسأله هو كيف وجد اسم تلك المدينة طريقه إلى القرآن؟

المادة الأصغر

هناك كلمة عربية هي “ذرة”. وهي عادة تترجم للإنجليزية على أنها أصغر جزء من المادة (atom). وهي بالعربية تستخدم لتعبر عن أصغر مادة موجودة في وقت ما. وربما اعتقد العرب أن المقصود بها “النملة” أو “ذرة الغبار”. أما اليوم فإنها تعني أصغر جسيم يحمل خصائص المادة.

ويقول أولئك الذين يحاربون القرآن أن “الذرة” ليست أصغر جزء من المادة، فهناك اكتشافات في هذا القرن تقول إن “الذرة” نفسها تحوي جسيمات أصغر منها. فهل هذا يتفق مع ما ورد في القرآن؟ حسنا.. هناك آية في القرآن تتحدث عن أجسام في حجم الذرة أو أصغر.. تقول الآية:

وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ” يونس- 61

ولهذا فلا يستطيع أحد أن يقول إن اكتشافا جديدا تجاوز النص القرآني في تحديد أصغر جزء من المادة، فالآية تتكلم عن مادة في حجم الذرة أو أصغر.

الغفران

وما دام حديثنا يدور حول تحدي القرآن، فإن من المعروف في الإسلام أنه عندما يعتنقه أحد فإن كل ماضيه يصبح متجاوزا عنه. وظل الدعاة إلى الإسلام يقولون: أسلم ويغفر الله لك ما مضى. والحديث النبوي يقول “الإسلام يجبُّ ما قبله”.

لكن تأمل في هذه القصة.. لا يوجد أحد من أعداء الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر في القرآن إلا رجل واحد هو “أبو لهب”. وقد توعده الله بالعذاب في القرآن:

“تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ، مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ، سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ” سورة المسد 1-3

ما حدث هو أن الرجل عاش سنوات عديدة بعد نزول هذه السورة من القرآن. وكان بإمكانه ضرب الدين الإسلامي الناشئ حين ذاك ببساطة شديدة، فكل ما يلزم لذلك هو أن يذهب إلى المسلمين ويعلن إسلامه، والمسلمون بين أيديهم النص القرآني الذي يقول إنه “سيصلى نارا ذات لهب”، والمبدأ الإسلامي الذي يقول إن “الإسلام يجبّ ما قبله”..

وهكذا كان بإمكان الرجل أن يعلن إسلامه ثم يأتي للمسلمين ليقول لهم: “لقد أسلمت، فهل يغفر الله لي أم لا؟” كان يستطيع أن يربك الدين الإسلامي في مهده، وأن يجعل موقف النبي صلى الله عليه وسلم أمام أتباعه موقفا ضعيفا. وبهذا الموقف البسيط كان باستطاعته أن يوجد خللا في أحكام الدين الجديد بكل وضوح، فالحكم الشرعي كان مغفرة مامضى قبل إسلامه والآيات تقول أنه لن يغفر له.

أما الذي حدث فهو شيء آخر! لقد مات أبو لهب بعد سنوات دون أن يسلم. وهذا تحد إعجازي سافر من القرآن حين يضع سلاحا ضده في يد شخص واحد ويتحداه أن يستخدمه.

النبوءات

لقد تنبأ القرآن بعدة أمور قبل أن تقع بسنوات قليلة. ومن ذلك أن الفرس تفوقوا على الروم في حروبهم وانتصروا عليهم، وكانت كل المؤشرات تقول أن الفرس في طريقهم للانتهاء كقوة عسكرية وسياسية مسيطرة. لكن ما ورد في سورة الروم كان مختلفا تماما، وكان مطمئنا المسلمين على انتصار أهل الكتاب على الوثنيين الفرس:

غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ” سورة الروم 2-5

كان هذا الوحي ينزل والمسلمون مطاردون وخائفون على أنفسهم في بداية الدعوة، ولكن هذا ما حصل بالضبط بعد انتصار الفرس بعدة سنوات، فقد انتصر عليهم الروم مرة أخرى.

المصدر الإلهي

قد يهتم البعض بتأمل أعداد الأشياء في القرآن.. لكن الطريقة الأمينة لتفحص هذا الكتاب والبحث عن الأصل الإلهي فيه هي أن تؤخذ الأشياء بقيمها، وأن يتم النظر في تلك الأماكن التي دعينا للنظر فيها.

أنت حتما تذكر تلك الآية التي أوردتها سابقا، “أولم ير الذين كفروا..“، إنها أسلوب قرآني مستخدم كثيرا، فعندما يقول القرآن مثلا “ألم تر…”، فالدعوة هنا هي لتفحص الدليل والبرهان في تلك المواقع بالذات.

إن كل واحد منا خبير بشيء ما.. وليس لأحدنا أن ينتظر الحصول على درجة علمية ليقول “سآخذ خبرتي إلى القرآن وأرى ماذا أجد هناك”.. فكلنا نعرف أشياء معينة من خلال تجربتنا في الحياة.

لقد سمعت بقصة قبل عدة سنوات في تورنتو بكندا حول رجل أعطي القرآن ليقرأه، وقد كان عضوا في البحرية التجارية حيث أمضى حياته في البحر. وعندما قرأ الآية القرآنية التي تتحدث عن أمواج البحر:

أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ” سورة النور 40

عندما قرأها الرجل اندهش، فالوصف كان دقيقا لأمر يعرفه جيدا.. وعندما مد يده ليعيد المصحف للرجل الذي أعطاه إياه قال: “محمد هذا.. هل كان بحارا؟” لقد فوجيء حينما أتته الإجابة أن محمدا صلى الله عليه وسلم أمضى حياته كلها في الصحراء. وبدأ يتساءل: “ومن أين حصل إذن على مثل هذه المعلومات عما يحدث في يوم بحري عاصف؟”

إننا نعرف جميعا أشياء نثق بها، فإذا ما توجهنا إلى القرآن لاكتشاف ما يقوله عن تلك الأشياء فإننا دوما سنجد ما يؤكد الأصل الإلهي للقرآن.

 

ترجمة: رشود التميمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى