محمد الرسالة والرسول مع الناس
“إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ”(الحجرات :10) هذا مسلم به .
ولكن ما القول فى غير المسلمين؟ “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ” البقرة :62
وما علاقة الأمم والشعوب فيما بين بعضها وبعض؟ ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ” (الحجرات :13)
“لتعارفوا” … هذا لباب الصلة بين قوم وقوم وشعب وشعب.
إنما هى المعرفة والعرف والمعروف، والأكرم بينهم اكثرهم تقوى .ومن اتقى الله ما ظلم وما بغى.
تلك هى شريعة الإخاء، وهي شريعة الحرية التى لا تعرف قيصر ولا تعرف عقدة إثم ولا تعنو حياة الخلق فيها لغير الله
أفهى شريعة مساواة؟
إنها لشريعة مساواة . وما هى شريعة تسوية ! هى شريعة عدل . والعدل أن يؤتى كل ذى حق حقه وأن يكون التقدير فرعا عن القدر، كذلك تتفاضل ال
الأقمار والأشجار، أفلا تتفاوت بين الناس الاقدار؟.”وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ” (الاسراء:55).
أجل !
“(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)”(الزمر :9).
حاشا وكلا !لا يستون.وإن كابر الجاهلون ,أو ظلم الظالمون , وإنما كانوا أنفسهم يظلمون !
بل 🙁 يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)(المجادلة :11)( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)(الحجرات:10)
(وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ)(الأنعام:132)
(وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ)
(الأنعام:165)
كلٌ إذن ينال على قدر عمله .ولكن بغير بغي ,ذلك أنه يريد: ( لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ)
وبغير حبس الأرزاق أو استغلال للثراء أو إيثار للأموال الخاصة على المصلحة العامة.
(وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)(التوبه:34)
وسبيل الله منه ما هو حرب عدو بالسلاح, وما هو دفع بلاء داخلي أو إصلاح أو منفعة عامة للجماعة كافة .. فذلك هو سبيل الله حقا , لأن الله غني عن العباد ,وإنما يريد وجه الله من نفع الناس وخفف علتهم ويسر لهم معاشهم ,فذلك هو الاحسان وابتغاء سبيل الله.( كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ)(الحشر:7) يتداولونه فيما بينهم استئثارا واحتكارا,وتلك قمة العسف بالناس وإذلالهم وإعناتهم فى أرزاقهم.
كلٌ فى هذه الشريعة ينال على قدر عمله وفضله.
(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) (التوبه:105).
سيرى المؤمنون عملكم، وسيحاسبونكم عليه ويقدرونه لكم، كما سيقدره الله.
هو العمل إذن ,ولكن لا للمعاش والمنفعة الذاتية فحسب، بل ابتغاء مرضاة خير الجماعة، وعلى قدر هذا يكون التقدير .
وهذا أمير المؤمنين ابن الخطاب يذهب فى تقدير العمل النافع البناء لخير الامة إلى حدٍ ما بعده مزيد :
“والله لئن جاءت الأعاجم بالأعمال وجئنا بغير عمل فهم أولى بمحمد منا يوم القيامة”.
ومن قال هذا فقد أراد أن الإسلام الصحيح أو الإيمان الصحيح هو العمل النافع للناس (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ)(الرعد:17)
( وما ينفع الناس ) ذلكم هو العمل وذلكم هو الفضل، وذلكم هو الفوز العظيم. وليس اكتناز المال، واقتناء الصروح والضياع والاستكثار من الزخرف والمتاع. وليس البر فى البطالة والسجود أو حبس الأموال مع الصيام والتهجد، كلا؛ لقوله تعالى 🙁 لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)(البقرة :177)
من كتاب محمد الرسول والرسالة للدكتور نظمي لوقا