إثبات أن العالم مخلوق ٌأي له بداية
عندما نقول عن شيء مخلوق معناه أنه وجد بعد أن لم يكن موجودا. والدليل العقلي على حدوث العالم هو:
إن العالم مؤلف من جواهر وأعراض. فالجوهر أي الجسم هو ما يقوم بنفسه كالجدار، والعرَضُ ما لا يقوم بنفسه بل يقوم بغيره كاللون والحركة والسكون.
إن الجسم لا يخلو من الحركة والسكون وهما حادثان لأنه بحدوث أحدهما ينعدم الاخر فما لا يخلو من الحادث حادث فالاجسام حادثة.
وفي هذا البرهان ثلاث قضايا:
الاولى :
أن الاجسام لا تخلو من الحركة والسكون وهي ظاهرة مدْركة بالبديهية فلا تحتاج الى تأمل ٍ فإن من قال عن جسم انه لا ساكن ولا متحرك كان للواقع مكابرا.
الثانية:
قولنا إنهما حادثان يدل على ذلك تعاقبهما وذلك مشاهدٌ في جميع الاجسام فما من ساكن الا والعقل قاض بجواز حركته كالسماء، وما من متحرك الا والعقل قاض بجواز سكونه كالنجوم فالطارئ منهما حادث بطريانه والسابق حادث لعدمه لانه لوثبت قدمه لاستحال عدمه لان القول بذلك يؤدي الى التسلسل وهو محال.
الثالثة: قولنا ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث لانه لو لم يكن كذلك لكان قبل كل حادث حوادث لا اول لها، ونقول في إبطال القول بحوادث لا أول لها ما كفى وشفى فنمثّل ذلك بملتزم قال: لا أعطي فلانا في اليوم الفلاني درهما حتى أعطيه درهما قبله ولا أعطيه درهما قبله حتى أعطيه درها قبله وهكذا لا الى أول فمن المعلوم ضرورة أنّ إعطاء الدرهم الموعود به في اليوم الفلاني محال لتوقفه على محال وهو فراغ ما لا نهاية له بالاعطاء شيئا بعد شيء، ولا ريب أن من ادّعى وجود حوادث لا أول لها مطابق لهذا المثال.
فملخص ذلك نقول بإثبات حدوث الحركة والسكون يثبت حدوث الاجسام لأن ما قام به الحادث فهو حادث فإذا العالم مؤلف من حوادث فهو حادث.