النصرانية

بولس رسول النصرانية الحقيقي

(شاؤول) الذي تسمّى (بولس) فيما بعد هو مؤسس النصرانية الحالية، فالدين الحالي هو دين بولس، ونصارى اليوم بجميع طوائفهم يتبعون (بولس) ويدعونه رسولاً.

ودعوني أعرض على حضراتكم ملخصاً لحال رسول النصارى فالضد يظهر حسنه الضد.

مات المسيح عليه السلام ولم يُملِ الإنجيلَ على حوارييه كما فعل النبي، محمد صلى الله عليه وسلم، بل تركه تعاليمٌ في الصدور، ولم يترك أتباعاً كثيرين؛ إذ كان تلاميذه -الحواريين- إثنا عشر رجلاً، منهم يهوذا الاسخريوطي الخائن. وتعرضوا بعده لاضطهاد شديد فتفرقوا في البلاد، وفور رفع المسيح عليه السلام -دخل النصرانية رجلا يقال له (شاول) وتسمى بعد ذلك بـ(بولس) [10م-67 م]، وهو الذي أسس النصرانية الحالية.

فكل ما هو موجود اليوم -تقريباً- من النصرانية يرجع إلى (بولس الرسول) كما يسمونه، فهو رسول النصرانية الحقيقي.

هذا الرجل كان يهودي الأب والأم، شديد التعصب لدينه، دارساً للفلسفة على يد أشهر معلميها في زمانه، حاقداً أشد الحقد على النصرانية، مشمراً عن ساقه في معاداة هذا الدين الجديد، وكان لصاً سارقاً يسطو على الكنائس والمعابد. وبين عشية وضحاها، وفي قصة لم يرويها غيره، وتتضارب حولها روايات المؤيدين، فضلاً عن المعارضين تحول (بولس) إلى (رسول) من عند (رب المجد يسوع(1))، حيث ادّعى أن (الرب يسوع) ظهر له وهو في طريقه لدمشق وعاتبه على معاداته له ولأتباعه، وأمره بأن يكون رسولاً له إلى الناس يتكلم لهم بلسان المسيح -عليه السلام-.

وحيث أن الحواريين قلة ومضطهدون ومشتتون، واليهود هم المسيطرون، أخذ (بولس) يتكلم بما يحلو له، وخُلع عليه لقب (رسول) وهو لم يكن -ولو ليوم واحد- من تلاميذ المسيح -عليه السلام-.


ماذا فعل بولس ؟!


عزل المسيح -عليه السلام- وجعله إلهاً يُعبد مع الله، وأخذ هو دور الرسول، بكل ما تعنيه كلمة رسول من معاني: فأحل وحرم، وكتب الرسائل إلى البلاد، وضمّت رسائله فيما بعد للكتاب (المقدس)، فأحدث أخطر انحراف عقدي عرفته البشرية، وهو ما يعرف بالمسيحية اليوم… كل النصارى يعظّمون (بولس)، وهو عند كلهم (رسول) من عند (رب المجد يسوع)!!

اسمع إليه وهو يحكي قصة ظهور المسيح -عليه السلام- له وتكليفه له بالرسالة، يقول: “فقلت أنا من أنت يا سيد؟ فقال: أنا يسوع، الذي أنت تضطهده. ولكن قم وقف على رجليك لأني لهذا ظهرت لك لأنتخبك خادماً وشاهداً بما رأيت وبما سأظهر لك به، منقذا إياك من الشعب ومن الأمم الذين أنا الآن أرسلك إليهم”. (انظر أعمال الرسل:26:15)

وقارنوا هذا بحال رسولنا صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وهو الصادق الأمين، وهو الذي لم يسجد لصنم، ولم يشرب خمراً ولم يعرف عنه أدنى انحراف خلقي، وهو يتعبد في الغار الليالي ذوات العدد.

وأخذ (بولس) يكلم الناس على أنه رسول (رب المجد يسوع) إليهم، وأخذ يملي عليهم رؤاه وأحلامه على أنها وحي من عند (الرب يسوع)، فأحل حرامهم وحرم حلالهم، وكتب بيده في كتابهم، مدعياً أنها تعاليم (الرب يسوع). وكان هذا الرجل يكذب على الله علانية، مبرراً ذلك بأنه وسيلة لرفعة الرب(2)!!

يقول في رسالته لرومية [Rom:3:7] -وهي مدرجة ضمن (الكتاب المقدس) الذي يقولون أنه وحي من عند الله: “فاإه إن كان صدق الله قد ازداد بكذبي لمجده، فلماذا أُدان أنا بعد كخاطئ. (SVD).

وكان هذا الرجل يصانع الناس، ويتعامل مع كل ملة بما تعتقد وتحب! اسمع يقول في رسالته الأولى لكرونثوس [9 : 20 وما بعدها]: “صِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ، مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ لِلَّهِ بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ، وَهَذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ لأَكُونَ شَرِيكاً فِيه”.

وقد أصبح بالفعل شريكاً في الإنجيل.

وقارن هذا بحال نبينا صلى الله عليه وسلم، وهو يواجه الجاهلية كلها علانية دون مواربة ولا مداهنة، بل مصارحة ومكاشفة تامة تميز الحق من الباطل، بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.

وهذه حالةٌ تذكرك بأقطاب الصوفية والمشعوذين، إلا أنها في أمتنا وجدت علماء السنة وقفوا لها بالمرصاد، أما هذه الحالة -أعني بولس- فقد تطاولت وانتشرت حتى أفسدت كل شيء في النصرانية.

وهلك بولس مقتولاً مشرداً بلا أنصار، يذكرون في روما سنة 67م. وسبحان الله العظيم كيف تنصرف القلوب عن الحق وتعمى عن الطريق المستقيم!

يوجد في العهد القديم -الذي يؤمن به النصارى- من النصوص ما يثبت أن حالة بولس هذه حالة كذّاب، لا يمكن أن يُصدّق. وأسوق إليك دليلاً من العهد القديم, ودليلاً من العهد الجديد..

اسمع…

في العهد القديم(3)، سفر التثنية [13:1]: “إذا قام في وسطك نبي أو حالم حلماً وأعطاك آية أو أعجوبة… فلا تسمع لكلام ذلك النبي أو الحالم ذلك الحلم؛ لأن الرب إلهكم يمتحنكم لكي يعلم هل تحبون الرب إلهكم من كل قلوبكم ومن كل أنفسكم… وذلك النبي أو الحالم ذلك الحلم يُقتل لأنه تكلم بالزيغ من وراء الرب إلهكم الذي أخرجكم من أرض مصر، وفداكم من بيت العبودية لكي يطوّحكم عن الطريق التي أمركم الرب إلهكم أن تسلكوا فيها، فتنزعون الشر من بينكم”.

وكان بولس حالماً ومات مقتولاً كما يقول النص -أو النبوءة كما يسمونها- ومع ذلك اتبعوه!!

وفي العهد الجديد مقياس آخر لكذب المدعي، وانظر كيف ينطبق تماماً على بولس. واسمع: جاء في إنجيل متّى 24 : 24 ما نصه: “لأنه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة، ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضاً”.

وفي متّى أيضاً [7 : 22 ــ23]: “كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب، أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة.: فحينئذ أصرّح لهم إني لم أعرفكم قط. اذهبوا عني يا فاعلي الإثم”.

ونبينا صلى الله عليه وسلم مات منصوراً مؤزراً، بعد فتح من الله مبين ونصر من الله عزيز.

وهذا الرجل هو الذي تكلم بالفداء، وهو الذي تكلم في الصلب، وأن المسيح ابن الله أو هو الله كما يعتقدون، وهو الذي حرّم الختان وقد كانوا يختتنون، وكان المسيح مختوناً.

ومما ينبغي ذكره هنا أن هناك تشريعات ليست من بولس، بل من الرهبان، وأشهرها الصيام! فوقته وما يؤكل فيها، وكل تفاصيله الموجودة الآن ليست من شريعة المسيح، بل ليست في الكتاب المحرف الآن… كلها من تشريعات الرهبان فيما بعد.

ومما ينبغي أن يذكر هنا أيضاً، أن النصارى يلحقون بأنبيائهم كل نقيصة، حتى الفاحشة والكفر وسب الرب والتطاول عليه، وفي ذات الوقت يعظمون رهبانهم وقساوستهم!!

فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة.

وقوم هذا حال رسولهم الذي يشرع لهم يسخرون من كل الكمال وجملة الجمال صلى الله عليه وسلم؟!

ما كان لهم، وما كان لي أن أقارن بين شخص سيء السيرة والمعتقد، ونبيينا محمد صلى الله عليه وسلم، وإنما فقط فعلت ليعلم القارئ أن القوم هم أولى بالسخرية، وأنهم لو تدبروا لكلحوا وما نطقوا.

—————————————————–

الهوامش:

(1) يسوع يقصد به المسيح عليه السلام.

(2) وهذا يذكرك بقول بعض الكذابين الوضّاعين للأحاديث، حيث قالوا نحن نكذب له وليس عليه. وكله كذب، وكله حرام.

(3) العهد القديم هو ما كان قبل المسيح عليه السلام، والعهد الجديد هو الأناجيل الأربعة التي كتبت بعد المسيح عليه السلام (متّى ويحنّا ولوقا ومرقص).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى