الإلحاد وحقيقته

مواضع الاتفاق بين الأديان فى القرآن الكريم

   إن الأديان السماوية فى الحقيقه دين واحد له اسم واحد هو الإسلام وحين يستخدم الباحثون المسلمون كلمة الأديان فى الكلام عن الأديان الإلهية، فإن المقصد هو التمييز بين ما جاء في القرآن فى الكلام عن الأحكام التى خاطب الله بها محمد صلى الله عليه وسلم وأمته وما حكاه من أحكام خواطب بها الأنبياء من قبله. وفى هذا المقال يعرض الكاتب نقاط الاتفاق فى الأخلاق والسلوك بين ما خوطب به محمد صلى الله عليه وسلم وأمته وما خوطبت به الأمم السابقة .

التقوى:

التقوى أم الأخلاق وهي من الصفات الأخلاقية المطلوبة فى الأديان، قال تعالى:

“يأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”  ( 13: الحجرات)

وعلى لسان سيدنا عيسى -عليه السلام-  يخاطب قومه، قال تعالى : فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ  ( (آل عمران:50) 

ودفع الله- تعالى –  بنى إسرائيل الى طريق التقوى دفعا شديدا، كما يعلم من قوله تعالى : “وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون” َ (الاعراف:171)

ومعلوم أن جميع الأخلاق الفاضلة تتفرع من التقوى -الأخلاق النفسية والسلوكية -ومنها :

البر وحسن المعاملة :

والقرآن الكريم متفق مع الميثاق المأخوذ على بنى اسرائيل فى ذلك، قال تعالى مخاطبا لنا : “لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ”  (الممتحنة:8)

كما قال تعالى :“وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (البقرة:83)

وقد اشتملت هذه الآية على الإحسان إلى الوالدين وذوي القربى واليتامى والمساكين … إلى آخر ما فيها وهو فى آيات عديدة فى تشريعات القرآن الأخلاقية والسلوكية للمسلمين، كقوله تعالى:وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا” (الإسراء:23)

وقوله تعالى :“وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا” (النساء:36)

الزهد

والزهد خلق تجافى عنه الذين يريدون الحياة الدنيا من قوم سيدنا موسى -عليه السلام- حين سال لعابهم لما رأوا من زينة قارون وأبهته وغناه، فزهدهم علماؤهم  ووعظوهم، كما فى قوله تعالى :

“وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (القصص:80)

وعبر النصارى عن زهدهم برهبانية ابتدعوها، فأثاب الله المستقيمين,كما قال تعالى : “وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ۖ فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ”  (الحديد:27)

وزهد الله تعالى المسلمين فى الدنيا فى آيات كثيره منها قوله تعالى : “{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُور} [الحديد:20]

      


المعايشة السلمية:

والمعايشة السلمية داخليا وأيضا خارجيا خلق وسلوك فى دين اليهود والنصارى والمسلمين، وهذا هو الخليل عليه السلام يقول لأبيه : “سَلَامٌ عَلَيْكَ ۖ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي”(مريم :47) ويتمثل ذلك السلام فى قول موسى وهارون عليهما السلام -لفرعون :

“قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ ۖ وَالسَّلَامُ عَلَىٰ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَىٰ (47)(طه :47)وقال تعالى لنبينا صلى الله عليه وسلموَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ (الانفال :61) فالجنوح للسلم مهم، مطلوب فى دينهم ومطلوب يننا .

الكتب السماوية هى الهدى :

 نعم تتفق الكتب السماوية على أنها نزلت لتكون هدى للناس، وأنها كذلك تحمل فى تعاليمها الدليل على انها الهدى من الهادي جلَ جلاله، وأنها الطريق إلى سعادة الدنيا وكرامة الآخرة، قال تعالى عن هداية التوراة والإنجيل :وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ ” (ال عمران :4:3)وقال عن هداية القرآن :”شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ “ ۚ(البقره :185)

ويتحدى الله تعالى المشركين بهداية التوراة التى أنزلها والقرآن الذى نزله يتحداهم أن يتيسر لهم أحسن منهما هدىً فى قوله تعالى : “قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ  (القصص:49)

وما دامت كذلك فيجب أن يكون الحكم بما فيها .

الحكم ُبما أنزل الله :

فقد وقع الاتفاق على أن يكون الحكم بما أنزل الله فى كتبه، فهذا هو الدين، وهو الايمان ,وهو الصراط المستقيم ,والسلوك المحفوظ من الهوى والانحراف والزيغ ,قال تعالى عن التوراه : إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۚ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ۚ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ( (44(المائدة :44)وقال تعالى عن الانجيل آمرا اهله :  وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ ۚ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47)(المائدة:47)

وقال تعالى عن القرآن الكريم وآمرا نبيه صلى الله عليه وسلم : وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ(المائدة :48)

امتثال شرع الله يجلب خيرات الدنيا :امتثال شرع الله تعالى يجلب خيرات الدنيا ,وهذا جزاء حسن لا يقدر عليه وعلى وضعه فى محله إلا الله تعالى ,وخصوصا الجزاء على امتثال ظاهر نابع من خلق كريم فهذا لايعلمه ولا يجزى عليه فى الدنيا والآخرة إلا العليم الخبير جل جلاله ,قال تعالى عن ثمرة اتباع التوراة والإنجيل :

 وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ۚ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ ۖ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66)(المائدة:66)وقال تعالى عن ثمرة اتباع الإنس والجن لطريقة الإسلام:  وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16)

(الجن:16)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى