القرآن

نظرات في سورة الإخلاص

 

مكية
بسم الله الرحمن الرحيم
(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ{1} اللَّهُ الصَّمَدُ{2} لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ{3} وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ{4} ).

سبب النزول :
روى الإمام أحمد عن أبي بن كعب : أنّ المشركين قالوا للنبي r: يا محمد ، انسب لنا ربك ، فأنزل الله ” قل هو الله أحد …. كفواً أحد ” ) [1]
شرح الغريب :
الصَّمَدُ :   الذي لا جوف له لكماله وجلاله , وقيل :  الذي تصمد ,أي تتجه إليه الخلائق في حاجاتها !
وقيل : هو السيد الذي قد كمل في سؤوده وشرفه !
وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ :  أي لم يكن له نظير ولا مثيل ولا ند ولا شبيه .
هداية السورة :
هذه السورة العظيمة ، ذات الكلمات المحدودة ، والألفاظ الموجزة هي واحدة من أفضل وأهم ما نزل على محمد r. من القرآن العظيم ، فهي سورة الإخلاص ، وبوابة الفلاح ، وقنطرة النجاح . وهي عنوان الشرف وتاج الكرامة ، ففيها صفة الرحمن ، ونعت الكريم المنان !!
ومن تدبر السورة وعرف قدرها ،  وتأمل كلماتها ، وفهم معناها واستوعب مغزاها وعمل بمقتضاها نال السعادة الأبدية والنجاة السرمدية واستباح بحبوحة الجنان ، وفاز برضا الرحمن !!
سورة الإخلاص تعلن بجلاء أنّ الله واحد أحد فرد صمد لا ند له ولا ظهير ، ولا معين له ولا وزير ولا رب غيره ولا إله سواه ولا شبيه له ولا مثيل .
فله الصفات العليا والأسماء الحسنى ، والمجد التام ، والعزُّ الدائم والسؤدد البالغ ، والإرادة النافذة والقوة القاهرة ، والربوبية الشاملة ، والقيومية السائدة ، والإلهية الخالصة !
هو الله الأحد عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم مالك يوم الدين الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور كاسر الأكاسرة ، وقاصم القياصرة ، ومُبيد الفراعنة ، ومُهلك الطواغيت ، ومدمر كل جبار  عنيد .
سبحانه لا نُحصي ثناء عليه ، ولا نحيط به علماً هو كما أثنى على نفسه وأحاط بكل شيء علماً !!
وحري بكل راج للفلاح , ومؤمل للنجاح أن يخلص في عبوديته لمولاه ، ويجتهد في طلب حبه ورضاه ، وأن يكون على علم ودراية ، بأنّه سبحانه المستحق وحده للتعظيم والإجلال ، والتبجيل والإكرام ، فلا إله غيره ولا رب سواه !
وإنّه لمن الحرمان الأكيد ، والضلال البعيد أن يصرف إنسان عبادته لغير مولاه ويتجه في دعائه لغير جناب الإله الحق !
كما يحصلُ على الدوام من عُبّاد القبور والأضرحة ، وعبيد الطواغيت ، والمتألهين ، والمتجبرين والمتكبرين .
وكما يَجري أبداً من قبل صارفي الولاءات الباطلة لغير ملك الملوك ، ذي القوة والجبروت سبحانه !!
فوائد السورة :
1-    بيان صفات الله تعالى وتفرده بالكمال والجلال ,كما أنه تعالى نفى عن نفسه صفات النقص كالأبوة والبنوة ومماثلة الخلق له.
2-    وجوب إخلاص العبادة لله وحده ؛لأنه المتفرد وحده بصفات الجلال ونعوت الكمال.
3-    هذه السورة تعدل ثلث القرآن كما صحت بذلك الأحاديث .

________________________________________
[1] – المسند 5/133 .

كتبه د/ رياض بن محمد المسيميري
أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض  
– عفا الله عنه-
www.islamlight.ne

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى