وفاة الدكتور محمد عبد الرحمن الذي تسبب في إسلام الداعية يوسف أستس
انتقل الى رحمة الله الدكتور محمد عبد الرحمن – الذي اسلم على يديه الداعية يوسف استس – وصلي عليه فجر اليوم السبت الموافق 24 نوفمبر 2018 بالقاهرة ..
وننقل لكم قصة الدكتور يوسف أستس يحكيها بنفسه وعن دور الدكتور محمد عبد الرحمن فيها :
…. أردت أن أعمل على هداية هذا الرجل للنصرانية، فهو بحاجة إلى من ينقذه، وأنا والرب سنعمل على ذلك (تعالى الله عن قوله)، وبعد مقدمةٍ يسيرةٍ سألتُه: هل تؤمن بالرب؟ قال: نعم، قلت: هل تؤمن بآدم وحواء؟ قال: نعم، قلت: وماذا عن إبراهيم، هل تؤمن به وبتضحيته بولده من أجل الرب؟ قال: نعم، وسألته عن الأنبياء: موسى، وداود، وسليمان، ويونس، هل يؤمن بهم؟ قال: نعم، عندها سألته عن الإنجيل، هل يؤمن به؟ قال: نعم. وهنا جاء الدور الأهم: هل تؤمن بعيسى على أنه مسيح الله؟ قال: نعم، فقلت في نفسي: هداية هذا الرجل أسهلُ مما تصورت، وسيكون نصراً عظيماً لي أن أُدخل مسلماً في النصرانية. ذهبنا لتناول الشاي وتحدثنا ساعاتٍ علمتُ خلالها أنه رجلٌ لطيفٌ هادئٌ وخجولٌ، لم يقاطعني أبداً ولو لمرة واحدة، فأعجبتني طريقته وأحببت الحديث معه.
أتيتُ والدي وأخبرته بموقفي من الرجل، وأنه لا مانع عندي من التعامل معه، فاتفقنا على ذلك، وكان عملنا يقتضي أن نسافر معاً كثيراً، يوماً بعد يوم كنا نسافر سوياً على السيارة من ولاية إلى ولاية، ونتناقش في موضوعاتٍ مختلفة، ولكنها كلَّها كانت حول المعتقدات التي يؤمن بها الناس، وكنت إذا ركبت السيارة أحيانا أجعله يستمع إلى برامجي الإذاعية التي سُجِّلت حول العبادة والصلاة، وفي يوم من الأيام علمت أنه (أي محمد) سوف ينتقل من بيته الذي يسكنه إلى بيت آخر، وأنه في فترة الانتقال سيضطر إلى الإقامة في المسجد لبضعة أيام.
عندها سألت والدي أن يأذن لمحمد أن يعيش معنا في بيتنا الكبير ليكون قريباً معنا في العمل وليشاركنا في تحمل بعض نفقات البيت فوافق أبي على ذلك، سكن محمدٌ معنا وتوطدت العلاقة به، وزادت معرفتي بالإسلام أكثر وأكثر، في ذات يوم كنتُ في زيارة لأحد المستشفيات لأمارس عملي المعتاد: واعظا دينيا وجدتُ رجلاً مريضاً كان على كرسي متحرك، وكان يتضح من حاله أنه يعيش حالةً صحيةً ونفسيةً سيئةً جداً، اقتربتُ منه وسألته عن اسمه فقال: هذا لا يخصك! فسألته عن بلده فقال: من كوكب المريخ! علمت أن الرجلَ وحيدٌ، ومحبطٌ ويحتاج إلى من يراعي حالته الصحية والنفسية، جلست إلى جواره وحدثته عن الرب وقرأت له من كتاب يونس في العهد القديم، وأخبرته بقصة يونس، وكيف غرق في البحر حتى التقمه الحوت ثم خرج بعد ثلاثة أيام بمعجزة الرب، وذكرتُ له أن الإنسان لا يمكن أن يهرب من مشكلاته، وحاولت أن أهدئ من أزمته، يبدو أن هذا الكلام قد أثر في الرجل فنظر إلي واعتذر، وقال: أنا آسفٌ لسوء ردي عليك، ثم أخبرني بأنه يعيش مشكلات عصيبة، ثم قال لي إنه يريد أن يعترف لي بذنوبه، فقلت: لا .. لا .. أنا لا أستطيع أن أتولى الاعترافات فأنا لست قساً كاثوليكياً.
فقال: أعلم أنك لا تستطيع ذلك، ثم فاجأني عندما أخبرني بأنه هو نفسه قسٌ كاثوليكي!! خجِلت من تصرفي فقد كنت أريد أن أدعو قساً كاثوليكيا إلى النصرانية!! ثم أخبرني القسُ بشئٍ من أخباره وأنه عمل سنواتٍ مبشراً في جنوب ووسط أمريكا والمكسيك.
وعند خروجه من المستشفى كان بحاجة لمكان للنقاهة، وبدلاً من تركه يذهب للبقاء مع عائلة كاثوليكية، أخبرت والدي أنه يجب علينا دعوته ليأتي للعيش معنا في الريف برفقة عائلتنا، ومعنا شريكنا محمد، واتفق الجميع على ذلك، فانتقل مباشرة للعيش معنا، خلال الرحلة إلى منزلنا تحدثتُ مع القس بخصوص بعض المفاهيم الإيمانية في الإسلام، فاندهشت لموافقته لي حتى انه شاركني الحديث عن أمور أكثر بهذا الخصوص .. ولقد تعجبتُ عندما أخبرني أن هناك قساوسة كاثوليكيون يدرسون الإسلام حتى أن بعضهم يحملون شهادات الدكتوراه في هذا المجال.
شعرتُ أنه حان الوقت لدعوة محمد إلى النصرانية، فقررنا عقد اجتماع في البيت للمحاورة حول الأديان، فوافق أفراد المنزل على ذلك، واتفقنا على ليلة من الليالي وجلسنا على طاولة النقاش نحن الخمسة، والدي، وأنا، وزوجتي، والقس، ومحمد، وللعلم فوالدي كما ذكرت عالم بالديانة النصرانية.
جلسنا للحوار عدة جلسات وكان كل فرد منا يأتي بالنسخة التي لديه من الإنجيل، القس بالطبع كان يحضر الإنجيل الكاثوليكي، بينما أحضرَ محمدٌ كتابَه المقدس وهو القرآن.
كنَّا نقضي أغلب الوقت نتباحث في أمر هذه الأناجيل المختلفة التي بين أيدينا، وكنا نختلف كثيراً فيما بيننا في أصح هذه الأناجيل، وكان محمدٌ يُمضي الوقت معنا بدون مشاركة، ولذا فقد كان الوقت يذهب دون أن نتكلم بشيء مؤثر نستطيع به إقناع محمد على اعتناق النصرانية.
وذات مرة – وقد اختلفنا حول النسخة الأصح للإنجيل – سألتُ محمداً عن عدد نسخ القرآن التي عند المسلمين بعد مضي أكثر من ألفٍ وأربعمائة عام على نزول القرآن؟؟
حينها أخبرني وفاجأني جداً بأنه ليس هناك غير نسخة واحدة للقرآن، وأنها لم تتغير أبدا، كما أخبرني بشيء صعقني، وهو أنه على مر القرون منذ نزول القرآن، قام الملايين من البشر بحفظ القران عن ظهر قلب، وتعليمه لغيرهم، وأن هؤلاء كانوا يحفظونه بالكلية من الغلاف حتى الغلاف، وبكل دقة ودونما أخطاء!!، لم يبد ذلك ممكناً بالنسبة لي، فاللغاتُ الأصليةُ للإنجيل أصبحتْ كلُّها لغاتٍ مندثرةً منذ قرون، فكيف يمكن لأولئك حفظ القران بلغته الأصلية من الغلاف إلى الغلاف؟
عندها طلبنا من محمد أن يقرأ علينا شيئاً من القرآن، ففتح المصحف وبدأ يرتل آيات القرآن الكريم بصوته الجميل، ثم يقرأ علينا ترجمة ما قرأه من آيات، ورغم أن قراءته كانت بالعربية ورغم أنني لم أكن أفهم من العربية شيئاً إلا أن قراءته كانت تهز قلبي هزَّاً عنيفاً جداً، وكنت أجد من اللذة والراحة والطمأنينة والمشاعر العجيبة أثناء التلاوة ما كان أولَ أهمِ الأسبابِ التي دعتني إلى اعتناق الإسلام.
ذات يومٍ طلبَ القسُ الكاثوليكيُ من محمدٍ أن يصطحبه معه إلى المسجد ليتعرف على الأوضاع في مساجد المسلمين، ذهبا سوياً إلى المسجد – محمد والقس الكاثوليكي – ثم عادا وهما يتكلمان عن تجربتهما هناك، ولم يكن بوسعنا الانتظار طويلاً لنسأل القس عن الأمر، وعن أنواع الطقوس التي يؤدونها، قال القس: إن المسلمين في المسجد لم يقوموا بأي شيء سوى الصلاة ثم انصرفوا، فقلت: ينصرفون بدون أي خُطبٍ أو أهازيج؟ فقال: نعم هو كذلك، مضت بضعة أيام، وها هو القس يطلب من محمد مرافقته مرة أخرى إلى المسجد، ذهبا بالفعل، لكن الأمر اختلف هذه المرة، فلقد طال غيابهما مدة طويلة، وبدأنا نشعر بالقلق من تأخرهما، أخيراً وصل الاثنان، استطعت تمييز محمد حال دخوله من الباب، لكن .. من هو الذي بجانبه؟! شخص يرتدي ثوباً أبيض، وقلنسوةً بيضاءَ .. من هذا؟ نظرت بعمق، إنه القس!! قلت له: هل أصبحت مسلما؟ فأخبرني بأنه اعتنق الإسلام. صعدتُ إلى غرفتي لأفكر ملياً .. وبدأت أتحدثُ مع زوجتي عن الموضوع بأكمله، حينها أخبرتني أنها هي أيضا ستعتنق الإسلام لأنها تعلم أنه الحق.
أصبتُ بصدمة عنيفة .. ذهبتُ للأسفل فوجدت محمداً قد نام .. لم أصبر حتى الصباح فأيقظتُه وطلبتُ منه الذهابَ إلى الخارج للنقاش .. أمضينا الليل كلَّه في المشي والنقاش .. وعندما جاء الفجرُ وانبلج نور الصباح، بدأ نور الإيمان يتسرب إلى قلبي، وأيقنت أن الحقيقة بدتْ واضحةً، وأنه لم يبق إلا اتخاذ القرار، ذهبتُ إلى حديقة صغير في خلفية منزلنا في أول الصباح، ثم قمتُ بوضع رأسي على الأرض متجهاً نحو القبلة التي يصلي نحوها المسلمون خمس مرات في اليوم ..الآن وفي هذه الحال .. بجسمي الممتد الأرض ووجهي الملامس للتراب أطلقت دعوة صادقة نحو السماء: (الهي، إن كنت موجوداً فدلَّني)، وبعد قليل رفعت رأسي ولاحظت شيئاً، لا … لا .. لم أر طيوراً ولا ملائكةً قادمةً من السماء، ولم أسمع أصواتاً ولم أر أنواراً، ما لاحظتُه كان تغيراً في داخلي، أيقنت الآن أكثر من أي وقت مضى أنه يجب عليَّ التوقف عن الكذب والخداع، وأنه حان الوقتُ لأكون شخصاً أميناً ومستقيماً، .. عرفتُ الآن ما يجب عليَّ فعله، صعدتُ للأعلى وقمتُ بالاغتسال، وأنا أعلم جلياً أنني أمحو بذلك ذلك الشخص الآثم الذي تمثلتُه في داخلي عبر السنين، وها أنا الآن أتحول إلى حياة جديدة نقية، حياةٍ عمادها الحق والصدق.
وفي حوالي الساعة الحادية عشرة من صباح ذلك اليوم مَثَلْتُ أمام شاهدين، أحدهما القسُّ سابقاً، والآخر محمد، وهناك نطقتُ بالشهادتين، وبعد بضع دقائق تبعتني زوجتي بالنطق بالشهادة، لكن شهادتها كانت أمام ثلاثة شهود مسلمين، القسُّ ومحمدٌ وأنا!