محمد

شبهة زواج النبي من عائشة وهي صغيرة السن

 

يروِّج النصارى لهذه الشبهة؛ طعنًا في عفة الحبيب المصطفى- صلى الله عليه وسلم– وتشكيكًا في طهارته، يقولون:

إن هذا الزواج هو زواج شهواني جمع بين الكهولة والطفولة، وإذا سقطت طهارة مُبلِّغ هذا الدين سقطت عفة وطهارة الدين الذي أُرسل به.

وهذه الشبهة حديثة نسبيًّا، فرغم تهجمهم المتواصل على الإسلام لم ينتقدوا أبداً النبي -صلى الله عليه وسلم- لزواجه من السيدة عائشة، بل كانوا ينتقدونه بسبب تعدد الزوجات، حتى جاء ما يسمى بعصر النهضة بمفاهيمه الحديثة فأضافوا هذه الشبهة التي تتلاءم مع توجهاتهم الثقافية!!

ولا تتوقف أهداف النصارى من هذه الشبهة عند محاولة تشكيك المسلمين في أكمل البشر وسيدها فقط، بل عندهم ما هو أهم وأولى، ألا وهو صدّ أبناء دينهم عن الدخول في هذا الدين بتشويه صورة مُبلِّغه صلى الله عليه وسلم، ومحاولة إبعاد النظر عن فضائح كتابهم المقدس الجنسية، فهم يعملون بمبدأ: “رمتني بدائها وانسلت”!!.

وهي شبهة واهية لعدة أسباب:

لم يكن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم هو أول الخاطبين لها، بل كانت مخطوبة “لجبير بن المطعم”، مما يدل على اكتمال النضج والأنوثة عندها، أو ظهور علاماتهما.-

لم تكن خطبته صلى الله عليه وسلم لها ليست برغبة شخصية منه، وإنما كانت باقتراح “لخولة بنت الحكيم” على الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ وذلك لتوطيد الصلة مع أحب أصحابه وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وحينما اقترحتها كانت تعتقد أنها تصلح للزواج وسدّ الفراغ بعد موت السيدة خديجة رضي الله عنها.

– من المعروف طبيًّا أن البلوغ في المناطق الحارة يكون أسرع منه في المناطق الأقل حرارة. وقد يصل سن البلوغ عند الفتيات في المناطق الحارة إلى 8 أو 9 سنوات.

كما تقول الدكتورة “دوشني” -وهي طبيبة أمريكية-: “إن الفتاة البيضاء في أمريكا قد تبدأ في البلوغ عند السابعة أو الثامنة، والفتاة ذات الأصل الإفريقي عند السادسة. ومن الثابت طبيًّا أيضًا أن أول حيضة والمعروفة باسم (المينارك menarche) تقع بين سن التاسعة والخامسة عشرة”.

– تزوج الرسول –صلى الله عليه وسلم- بعائشة، وهي بنت ست أو سبع سنوات، ودخل بها وهي بنت تسع سنوات، ففي الصحيحين -واللفظ لمسلم-: عن الأسود عن عائشة قالت: «تزوجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهي بنت ست، وبنى بها، وهي بنت تسع، ومات عنها وهي بنت ثمان عشرة»، فلماذا انتظر ثلاث سنوات كاملة ليدخل بها؟!

هذا دليل على أنه لم يدخل بها أو يجامعها أبدًا، وهي غير قادرة أو مؤهَّلة لذلك.

– أن زواج الرجل من فتاة صغيرة ليس بدعًا في ذلك العصر، ولا في العصور التالية له، خاصة في البلاد التي تقوم على النظام القَبَلِيّ، ولا أدلّ على ذلك من زواج “عبد المطلب” الشيخ الكبير في السن من “هالة” بنت عمّ “آمنة” في اليوم الذي تزوّج فيه “عبد الله” أصغر أبنائه من صبيّة هي في سنّ هالة، وهي آمنة بنت وهب.

ومن التجني في الأحكام أن يُوزَن الحدث منفصلاً عن زمانه ومكانه وظروف بيئته، فكيف يحاكمونه بعد أكثر من ألف وأربعمائة عام من ذلك الزواج، فيُهدرون فروق العصر والإقليم، ويطيلون القول فيما وصفوه بأنّه الجمع الغريب بين الكهولة والطفولة، ويقيسون بعين الهوى زواجًا عُقد في مكّة قبل الهجرة بما يحدث اليوم في بلاد الغرب؛ حيث لا تتزوّج الفتاة عادة قبل سنّ الخامسة والعشرين، في الوقت نفسه الذي تمارس فيه الجنس دون العاشرة.

– ألم تكن قريش أَوْلَى بالطعن على رسول الله –صلى الله عليه وسلم– إذا كان ما فعله بالزواج من عائشة مستهجنًا في هذا الوقت، وهم الذين يعادونه ويسعون للقضاء عليه وإبعاد الناس عن الانخراط في دعوته، وينتظرون له زلة أو سقطة ليشنِّعوا عليه.

فمن أعظم الأدلة والبراهين على أن الزواج بعائشة كان أمرًا طبيعيًّا من الناحية الاجتماعية ولا عيب فيه، إقرار كفار قريش به وعدم التعرض له، مع حرصهم على رميه بكل بهتان ليس موجود فيه أصلاً مثل قولهم: شاعر أو مجنون.

– كانت عائشة -رضي الله عنها- في تلك السن التي يكون فيه الإنسان أفرغ بالاً، وأشد استعدادًا لتلقي العلم. فزوجات الحبيب المصطفى كنّ كبيرات في السن، ولا شك أن التعلم في الصغر كالنقش على الحجر، وهناك الكثير من الأمور الدينية الخاصة بالنساء، أو بعلاقة الرجل بزوجته وأهل بيته، والتي تحتاج لحافظة واعية تستطيع أن تبلِّغ هذا العلم لغيرها، وهذا ما حدث منها رضي الله عنها.

ويظهر ذلك جليًّا في قول الإمام الزُهري: “لو جُمع علم عائشة إلى علم جميع أمهات المؤمنين، وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل”، ويقول عطاء بن أبي رباح: “كانت عائشة أفقه الناس، وأعلم الناس، وأحسن الناس رأيًا في العامة”.

– أشد ما يدعو للعجب هو رفض النصارى لزواج الرسول –صلى الله عليه وسلم- وكان عمرها 9 سنوات وعمره يربو على الخمسين، في حين لا يرون غضاضة أن تكن مريم العذراء مخطوبة ليوسف النجار، وهي ابنة 12 عامًا، وهو يزيد عن التسعين، أي أن الفارق بينهما كان أكثر من ثمان وسبعين سنة، كما ذكرت الموسوعة الكاثوليكية.

كما لا يوجد في كتابهم “المقدس” عبارة واحدة تحرِّم زواج الفتيات في سن التاسعة، أو حتى جملة واحدة تحدد فيها سن الزواج.

ألم يتزوج عندكم آحاز وهو ابن 10 سنين، وأنجب وهو ابن 11 سنة، فقد ورد في 2 ملوك 2:16: «كان آحاز ابن عشرين سنة حين ملك، وملك 16 سنة في أورشليم. وورد في 2ملوك 2:18: «في السنة الثالثة لهوشع بن أيلة ملك إسرائيل، ملَكَ حزقيا بن آحاز ملك يهوذا. كان ابن 25 سنة حين ملك، وملك 29 سنة في أورشليم». فيكون عمر آحاز 36 سنة. فإذا ملك ابنه وعمره نحو 25 سنة يكون أبوه قد رُزِقَ به وعُمره نحو 11 سنة.

وذكر قسهم منيس عبد النور في كتابه شبهات حول الكتاب المقدس: “لا مانع من أن يكون بينه وبين أبيه 11 سنة”، وأخذ يضرب الأمثلة التاريخية على ذلك، ومن المعروف أن سنّ نضوج الإناث يقل عن سن نضوج الذكور المتوطنين في نفس الإقليم، فهذا يعني أن زوجته ربما كانت في التاسعة أو العاشرة مثله، بل وكانت صالحة لتنجب في ذلك السن، فلماذا تنكرون الزواج من عائشة في مثل هذا السن، وكتابكم لا ينكره.

كيف ينكرون الزواج على الحبيب المصطفى صلي الله عليه و سلم في الوقت الذي يؤمنون فيه بأن الأنبياء ارتكبوا الموبقات والفواحش من زنا المحارم؛ كادعائهم زنا لوط -عليه السلام- بابنتيه، وزنا داود بزوجة جندي بجيشه، بل يأمر قائد الجيش بالانكشاف عنه حال الحرب ليقتله الأعداء، ولا يجدون غضاضة في أن يوصف سليمان -عليه السلام- بالكفر، وأنه عَبَد الأوثان؛ لأجل إرضاء زوجاته الوثنيات.

محمد عبد العزيز الهواري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى